«السوق السوداء» تضيق الخناق على الفلاحين
إن تداعيات الأزمة الوطنية التي تمر بالبلاد على القطاعات الإنتاجية كبيرة جداً ومؤلمة، وكبدت العاملين فيها خسائر مادية وبشرية لا يمكن تعويضها في ظل السياسات الحكومية المتبعة التي مازالت بعيدة كل البعد عن معاناة المواطنين والعاملين في القطاعات الإنتاجية.
ففي القطاع الزراعي، الذي هو قطاع رئيسي في عملية الإنتاج، يعاني الفلاحون الأمرين، وبخاصة في ظل ارتفاع أسعار الوقود وعدم توفره إلا في السوق السوداء بأسعار محررة، لأن مافيا أصحاب محطات الوقود وداعميهم يبيعون جزءاً يسيراً مما يصلهم ليوم أو يومين، أما المتبقي من المادة فيباع في السوق السوداء، حيث وصل سعر ليتر المازوت إلى 135 – 140 ل.س بينما سعره المعلن 61 ل.س.
تحرير الأسعار!
يجري كل ذلك على مرأى من الجهات المختصة والرقابية التي لا تحرك ساكناً، والضحية دائماً هو ذاك الفلاح المقهور تاريخياً.
ومن المعلوم ان ارتفاع سعر الوقود يؤدي تلقائياً إلى ارتفاع كلف الإنتاج وبخاصة عمليات النقل والحراثة، حيث وصلت حراثة الدونم الواحد لمرة واحدة إلى 1000 ل.س بينما كان سابقاً وفي أحسن الحالات 200 ل.س، علماً أن الأرض تحتاج عند تهيئتها للزراعة لعدة حراثات. وكذلك تضاعفت أجور النقل مرات عدة بالإضافة إلى الأتاوات التي تفرضها الحواجز على المواد المنقولة إن كانت خضاراً أو سماداً أو أي محصول.
إن جملة هذه العوامل إضافة إلى الأعمال الإجرامية التي تقوم بها المجموعات الإرهابية في المناطق الزراعية دفعت الفلاحين إلى هجرة أراضيهم وبالتالي خروج مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية من عملية الإنتاج وتحوّل مجموع هؤلاء الفلاحين إلى عاطلين عن العمل إجبارياً.
لم يتقاضوا استحقاقاتهم!
ومن جهة أخرى إن تأخر المصرف الزراعي في تسليم الفلاحين قيّم محاصيلهم يزيد الطين بلة، فحتى تاريخه لم يتم تسليم قيمة محصول الشوندر إلى الفلاحين وقد مضى على تسليمه أكثر من ثلاثة أشهر، والأمنية أن تكون حكومتنا على مستوى إدارة الأزمة في البلاد.