الحسكة.. تسوية «غويران» تشق طريقها

الحسكة.. تسوية «غويران» تشق طريقها

تشكل التسوية التي شهدها حي «غويران» في مدينة الحسكة، الأسبوع الماضي، بارقة أمل لعودة الحياة إلى المدينة التي عانى سكانها خلال أكثر من عام ونصف من توتر أمني وعسكري تسبب بتوقف الحياة بشكل شبه كامل في بعض الأحيان، مع الإصرار على أن يكون السلاح هو الفيصل.

ويتضمن الاتفاق انسحاب المسلحين الآمن من الحي نحو جبل عبدالعزيز، ودخول القوات النظامية إلى الحي تمهيداً لعودة الأهالي إلى منازلهم التي هجروها بشكل متتابع مع صعوبة استمرار الحياة هناك بسبب العمليات العسكرية والاشتباكات العديدة التي شهدها واحد من أكبر أحياء مدينة الحسكة.

الاتفاق والدور المطلوب

ويعني الاتفاق من الناحية النهائية، أن المدينة أصبحت آمنة بشكل كامل، وتستطيع تجاوز تأثيرات المرحلة الماضية، إذا ما توافرت الإرادة الحكومية التي يقع على عاتقها إعادة تأهيل الحي الكبير، ومساعدة السكان، وهم في الأصل من الفقراء الذي شكلوا هذا الحي الشعبي الكبير المهمش منذ عقود.

عاشت المدينة، خلال الأيام الماضية التي أعقبت الاتفاق الذي نفذ يوم الثلاثاء الماضي، هدوءاً نادراً لم يسمعوا فيه أصوات إطلاق الرصاص، ولم تسقط القذائف العشوائية على منازل المدنيين، كما اعتاد الأهالي في الفترة الأخيرة الماضية التي سبقت الاتفاق وما خلفته من خسائر بشرية ومادية كبيرة.

ويأمل سكان الحي، أن يعودوا إلى منازلهم سريعاً بغض النظر عما هي عليه حالتها، لبدء حياة جديدة أفضل من أيام النزوح المريرة في المدارس والبيوت المستأجرة وتحمل تكاليف إضافية في مدينة وصل مستوى الأسعار فيها لأعلى القائمة من بين مدن سورية.

تلبية المطالب المحقة

ويفتح الاتفاق الذي تزامن مع بدء العام الدراسي، الأمل لعودة طلاب الحي إلى مدارسهم ومتابعة تعليمهم، الذين كانوا أكبر المتأثرين بما جرى، إضافة إلى عودة طلاب الجامعات إلى كلياتهم التي تقع غالبيتها في مناطق الاشتباكات السابقة، وما تسببت به من تأجيل متكرر، وأجواء رعب مع إصرار الطلاب على متابعة دراستهم الجامعية.

ولا يمكن حصر الإيجابيات التي سيتركها الاتفاق الأخير على كافة مناحي الحياة في المدينة التي تشكل مركز محافظة الحسكة الواسعة ومن يعيش فيها من سكان أصليين ونازحين من مختلف المحافظات السورية الأخرى، لكن الظروف الأمنية الذي ظلت عائقاً وسيفاً يشهر في وجه أي مطالبة شعبية لتحسين الخدمات ومتطلبات الحياة الأساسية، قد عادت إلى طبيعتها مما يشكل تحدياً حقيقياً لأجهزة الدولة المدنية لتنفيذ واجباتها.

محاولات الإفشال

تسعى كثير من الأصوات إلى إثارة خلاف حول الشكليات، بهدف تحطيم الجهود التي بذلت لإعادة الأمان إلى حي غويران، عبر الحديث عما جرى في الحي وما إذا كان انسحاباً لطرف وانتصاراً لآخر، أو إطلاق تسميات متناقضة مثل «بسط سيطرة وطرد وإجبار على التسوية»، وهي مفردات رافقت كثيراً من المصالحات والتسويات التي شهدتها العديد من الأحياء في المدن السورية الساخنة.

ويأمل أبناء محافظة الحسكة أن تشق مثل هذه التسويات طريقها في جميع المناطق المتوترة التي شهدت توتراً خلال الأسابيع الماضية بما يحافظ على وحدة النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية ويمنع تأثير وتمدد القوى الإرهابية إلى أي منطقة من مناطق المحافظة.