من الذاكرة: وقود الانتصار
رفيقي وزميلي في ثانوية ابن العميد في النصف الأول من سبعينيات القرن العشرين مدرس التاريخ الاستاذ زهير ناجي، درس الصحافة بالمراسلة، ونال في عام 1950 دبلوماً من كلية الصحافة الأهلية المصرية، وعمل في الصحافة بين عامي 1948-1951 مصححاً ومراسلاً، وكاتب تحقيقات صحفية في جريدة الأخبار الدمشقية، وقد نشر ريبورتاجاته الثلاثة والخمسين في كتاب عنوانه «هل تعرف بلادك؟».
وكمراسل صحفي كان ينقل معاناة جماهير بلدة دوما في ريف دمشق مدافعاً عن عاملات تطريز الأغباني والفلاحين المياومين والتعليم والخدمات العامة.
في أحد تحقيقاته الصحفية التي نشرها في العدد 3039 الصادر في يوم الأحد 15 تشرين الأول 1950 عن التعاونيات الزراعية التي كانت من المطالب التي رفعتها القوى الوطنية المطالبة بتطوير الزراعة وإنصاف الفلاحين وتطبيق الإصلاح الزراعي، هذا الإنجاز الذي تم في عام 1960، فكان انعطافة تاريخية في القضاء على الإقطاع وعهده البغيض، وبداية التطور الزراعي الذي أدى إلى الاكتفاء الذاتي في مجال تأمين الغذاء، وفي التخلص من الضغط السياسي الامبريالي الذي كان يستغل سوء الأوضاع المعاشية ونقص الموارد الغذائية للضغط على سورية لجرها إلى مستنقع الأحلاف الامبريالية، وسنعيد نشر هذا التحقيق في العدد القادم من «قاسيون» لما فيه من طرافة، حدثه بها والده الأستاذ محمد ناجي الذي كان معلماً في مدرسة بلدة الضمير الابتدائية بين عامي 1923-1926، جعلها مدخلاً للحديث عن ضرورة تطبيق الإصلاح الزراعي ودعم الفلاحين، وفي إعادة النشر تذكير لأبناء الجيل الجديد الذي لا يعرف إلا القليل عن النضال الذي خاضه آباؤهم وأجدادهم لنيل الاستقلال أولاً وللتخلص من أعباء الأحلاف الأجنبية التي كانت تريد جر بلادنا للحرب ضد بلاد السوفيات، ولتذكيرهم بالقوى الديمقراطية الشعبية، وفي المقدمة منها الحزب الشيوعي السوري، التي كانت تعمل لتوعية الجماهير ودفعها للانخراط في الدفاع عن الوطن وفي محاربة منظومة الإقطاع حليفة الامبريالية والصهيونية، ولتذكيرهم أن قوى الإقطاع والرجعية في سورية لم تسقط إلا بنضال العمال والفلاحين والمثقفين الوطنيين الثوريين، وتاريخ الريف السوري حافل بالشواهد الرائعة على نضالات وانتفاضات الفلاحين على ظلم السلطات الحاكمة المساندة للإقطاعيين، ولتذكيرهم في زمننا الحاضر الصعب أن الانتصار على القوى المعادية للشعوب وعلى الرجعية التي تتستر بالدين لن يتحقق إلا بانخراط كل القوى الوطنية في معركة الدفاع عن كرامة الوطن والمواطن التي هي فوق كل اعتبار.
وصدق الشاعر إذ قال:
وعلى عينيكَ يا أحلى وطن
بسمة ليست تغيّب
وعتاب.. آه ما أقسى العتاب
فوق أهداب الحبيب