التدخل لتخفيف عبء الغلاء.. قرار في طور «الدراسة»!
بعد طول انتظار وبعد أن أرهقت الأسعار المرتفعة جيوب المواطنين بالغلاء، وابتزهم تجار الأزمات في لقمة عيشهم على مرأى من الجهات المختصة، وبعد عدة تصريحات صادرة عن أروقة الحكومة منذ أشهر تفيد بأن الحكومة تعتزم اعتماد التسعير الإداري لبعض السلع والمواد الأساسية..
وأوحت هذه التصريحات أن الأمر بات قاب قوسين أو أدنى، لدرجة أضحى البعض يترقب صدور قرار التسعير، فها هي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تصدر أخيراً قرارها بتشكيل «لجنة تسعير إداري» لبعض المواد الغذائية المحددة في مضمون القرار.
تسعير إداري لـ14 مادة وسلعة
فجاء القرار بتشكيل لجنة تسعير إداري لـ14 مادة وسلعة ودراسة واقع هذه المواد من حيث الوفرة والتكلفة والسعر المقترح. وأوضح القرار أن هذه المواد تضمنت (البيض والفروج والألبان والأجبان والمعكرونة والشعيرية والعدس الحب والعدس المجروش والحمص الحب والفاصولياء اليابسة ورب البندورة وحليب الأطفال المجفف كيس 900 غرام والتونة والسردين).
وبيّن القرار أن الهدف من تشكيل اللجنة هو تحديد السعر الإداري المقترح لتلك المواد ومقارنته بالأسعار الرائجة والعالمية تمهيداً لتوفير سلعة تموينية للمواطنين بسعر مدعوم وكمية مناسبة مع إعادة النظر بهذا السعر كلما اقتضت الحاجة.
منطق التبرير مستمر..
يتضح مما سبق أن قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ما يزال في طور الدراسة، وليس كما أعتقد الكثيرون بأن الأمر بات في طور الإنجاز والمباشرة في التنفيذ بآليات مختلفة لتخفيف عبء الغلاء على كاهل المواطنين. وقد تأكد ذلك من خلال التصريحات الرسمية التي صدرت عن الحكومة مؤخراً التي أفادت بـ «إن التسعير الإداري قادم، والمرحلة الأولى انتهت وبدأت المرحلة الثانية، وأن قرار التسعير جيد ولكن البطء في إجراءات التنفيذ سببه عوامل عدّة تؤجّل تطبيق القرار».
عبء الغلاء لا يحتمل «الانتظار»
كما يتضح أن هذا القرار الصادر يتمحور حول تشكيل لجنة وليس باعتماد «آلية» تقضي بتسعير المواد المستهدفة، أي أن القرار لم يستكمل جميع الجوانب إضافة إلى أنه جاء متأخراً قياساً بما يعانيه المواطنون في ظل الأوضاع الاقتصادية الكارثية!
ما يعني أن «التجارة الداخلية» مازالت في نقطة البداية، والمشوار مازال طويلاً بهذا الاتجاه، وكأن الهدف من إثارة موضوع التسعير لا يتعدى الكلام الإعلامي وإعطاء إبر مسكّنة لمستهلك قضّت الأسعار مضاجعه وأفرغت جيوبه من المدخرات المتبقية.
المطلوب: ضبط، رقابة، محاسبة
نرى أن إنجاز التسعير الإداري بات من بديهيات التدخل الحكومي لضبط الأسعار نسبياً، وبالتالي لا يحتمل التأخير، فالمطلوب حشد كل الإمكانات والجهود لتخفيف عبء الغلاء وارتفاع الأسعار على كاهل المواطنين وتفعيل آليات الرقابة لضبط الأسعار في الأسواق المحلية ومحاسبة الفاسدين والمتلاعبين بلقمة الشعب. فالجيوب قد صفرت وأطلقت نداءات الاستغاثة بالفم الملآن.