«المدربون» وجع مزمن في جسد الكرة السورية..!
ليست المرة الأولى التي يكثر فيها الجدل، حول اختيار مدرب للمنتخب الوطني الأول بكرة القدم، ودائماً نعود إلى الحكاية نفسها بفصولها المريرة، كلما يتم الاختيار والمفاضلة بين المدربين.
كانت المفاضلة سابقاً بين المدرب الوطني والأجنبي،وأيهما يستحق ويفيد المنتخب أكثر..مع أننا غير قادرين على استقدام الأجنبي بمواصفات عالية، فيتم اللجوء لمدربين عاديين جداً،أو نعود (لحمّال الآسيّة) الوطني الذي عليه أن يتعب ويشقى بمقابل زهيد جداً..
لنتفق أولاً
القصة طويلة ومتشعبة ومؤسفة،وتحتاج لملف كبير جداً، ولكن هنا تحكمني المساحة المخصصة، لذلك سأختصر الحكاية عبر عدة أسئلة أبرزها:
بالنسبة للمدرب الوطني:هل يفيد المنتخب أكثر من الأجنبي؟وهل يملك المحلي المؤهلات اللازمة لهذا العمل الكبير؟ وهل ينال حقه المادي والمعنوي كاملاً أسوة بنظيره الأجنبي؟ماهي المعايير التي يتم الاستناد إليها في الاختيار؟عبر سنوات عمل المدرب الوطني مع المنتخب ماهي حصيلة عمله؟وأخيراً هل استفاد المنتخب منه أم استفاد هو من المنتخب ليضع في سيرته الذاتية (مدرب وطني) ويسوق نفسه للخارج؟
بالنسبة للمدرب الأجنبي: لماذا تتحكم الإمكانيات المادية في مستواه ؟وهل أفادنا وماذا قدم لنا،أم استفاد منا ورحل؟لماذا لا يكون للمدرب خطة عمل واضحة ومحددة وإستراتيجية يُحاسب عليها كما يحاسبنا وفق عقده ؟
الذاكرة تتحدث
خلال مسيرة المنتخب الوطني الرسمية منذ عام 1950 لم تكن حافلة بالإنجازات، وتعاقب على تدريبه /45/ مدربا، منهم/ 25/ أجنبيا 20 محلياً،والمدرب الوطني فجر إبراهيم هو الأكثر قيادة للمنتخب، واستمر حوالي /10/ سنوات دون أي حصاد يذكر،وتفاوتت الإمكانيات المادية المتوفرة بين يدي كل مدرب،حسب الزمان والمناسبة التي شارك بها.
اللقب الأول كان المنتخب بقيادة المجري جوزيف البرت، حيث فاز بذهبية الدورة العربية التي أقيمت في لبنان،والثاني ذهبية المتوسط عام 1987 بقيادة الروسي اناتولي في ظروف استثنائية والثالث، بطولة غرب آسيا السادسة عام 2012 بقيادة المدرب السوري حسام السيد،وكان تحت بند المفاجآت السعيدة!
المنتخب السوري:لم يسجل حضوره في المونديال العالمي مطلقاً، ويغص عشاقه في تفاصيل الحلم الذي يراودهم في التصفيات دائماً،حيث تبلغ اللقمة الحلق،ويتبدد الحلم في كل مرة،وحضوره الاولمبي الوحيد في موسكو،كان بمحض مصادفة ونتيجة المقاطعة للدورة، فحل منتخبنا بديلاً و(خرج من المولد بلا حمص) ومازال البعض يتغنى بالماضي المجيد للمنتخب السوري،عندما كان يفوز على منتخبات الخليج وبعض المنتخبات الأخرى، وبفارق كبير، ولمّا تكن كرة القدم قد لامست اهتمام تلك الدول بشكل جدي،وباتت تسبقنا الآن بأشواط كثيرة، نظراً لغنى المدارس التدريبية ورفعة مستواها.
منتخباتنا الشابة تتفوق
كانت منتخبات (الشباب والناشئين) تسجل حضوراً لافتاً،ومنتخب الشباب الذي حمل اللقب الآسيوي مرة وتأهل للمونديال،وكان بسمة الكرة السورية.ولم يستطع تكرار الإنجاز، وكذلك منتخب الناشئين،وكلاهما كان يحضّرهما مدربون محليون مع استثناءات قليلة، وذلك بالتواجد الفعال في التصفيات، ولكن في النهائيات يختلف الأمر،حيث يصطدمون بمدارس كروية على مستوى عال ويخرج المنتخب (تكتيكياً) ولا يتم المحافظة على المواهب ولا الاستمرار فيها أو تطويرها،لتصل للمنتخب الأول وتجد من يصقلها فنيا،حيث لا يتوفر مدرب قادر على السير بها إلى مستويات متقدمة أكثر في الاستحقاقات اللاحقة،والسبب يكون المدرب الذي لايملك القدرات العالية على تطوير الأداء ورفع المستوى وسد الثغرات.ولكن ليس هو وحده فقط..!؟
قصص وقيود
طريقة التعاقد مع المدربين الأجانب لم تكن واضحة المعالم منذ البداية،ويشوبها كثير من الغموض بالنسبة للعقود، ومن يستفيد منها،من يستأجر له المنزل والسيارة، ومن يتدخل في شؤونه وماهي طريقة عمله وإستراتيجيته، ومن يحاسبه على الفشل..؟
ومن المهازل المضحكة أن اختيار مدرب أجنبي للمنتخب،يكون وفق ما يتم رصده من راتب ومقدم عقد، فيكون الاختيار من مدربي الدرجات الأدنى،ومع ذلك فراتب الأجنبي يبقى حلماً بالنسبة للمدرب المحلي،ويبقى هناك سقف للمدرب الأجنبي ومثله للمحلي،وما بين الاثنين فارق شاسع.. وعندما كان الأول يقبض ألفي دولار شهرياً،كان الثاني يكلف300 دولار فقط، وعندما رفع السقف للأجنبي إلى حوالي 10 آلاف دولار، لم يكن مسموحاً للمحلي بأكثر من 1500 دولار فقط..!؟