تطورات العراق.. تغلق أحد منافذ استمرار الحياة في محافظة الحسكة
بعد يوم واحد من دخول مقاتلي ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) إلى مدينة الموصل في شمال العراق قبل أيام، تغيرت الصورة كثيراً في محافظة الحسكة، التي تشهد تأثيراً مختلفاً للأزمة السورية عما هو الحال عليه في باقي محافظات البلاد، وتعتمد على الجوار العراقي لتوفير أبسط متطلبات الحياة.
ويمكن القول إن سكان محافظة الحسكة، شعروا بسقوط مدينة الموصل بيد مقاتلي «داعش» قبل حكومة بغداد ذاتها، حيث اختفت من الأسواق خلال ساعات من الإعلان عن سقوط الموصل، كثير من موارد الحياة التي تدخل بطرق متنوعة من العراق إلى المحافظة النائية عن دمشق جغرافياً وحكومياً.
وتصنف الحسكة في معايير الحكومة كمحافظة آمنة، حيث تسيطر الدولة على غالبية مدنها وبلداتها، باستثناء بعد المناطق الريفية النائية التي هجرها سكانها واستقروا في مدينتي الحسكة والقامشلي، كما أن المواجهات العسكرية القليلة التي وقعت خلال سنوات الأزمة لا تقارن من حيث الشدة بما جرى في مناطق أخرى كريف دمشق وحمص وحلب.
لكن على أرض الواقع، يمكن تصنيف المحافظة على أنها خارج سيطرة الدولة منذ نحو عامين على الأقل، في الجانب الاقتصادي وتأثيره السلبي على الوضع المعيشي للسكان مع ارتفاع جنوني للأسعار، وغياب كامل لشبكة الهاتف النقال، وانقطاع الكهرباء لنحو 20 ساعة يومياً، إضافة لباقي الخدمات الأساسية.
شريان الحياة ينقطع
تمثل المواد الأساسية وموارد الطاقة ولاسيما الغاز المنزلي والبنزين، وعدد كبير من الأدوية التي تدخل من الجوار العراقي من خلال معابر رسمية وغير رسمية، شريان حياة للسكان، بعد أن غابت أي جهود حكومية جدية عن معالجة تبعات الأزمة السورية في المحافظة التي تعيش شبه حصار يفصلها عن باقي مدن البلاد براً.
وبدأ معبر اليعربية – ربيعة الحدودي، الرسمي مع العراق يشهد نشاطاً جيداً في الأشهر الأخيرة ساهم بتوفير كثير من المتطلبات الأساسية وإن كانت بأسعار عالية. لكن المعبر الذي تدخل منه قوافل الشاحنات، مغلق حالياً بسبب أحداث الموصل.
وتراجع نشاط التجارة أيضاً عبر المعابر غير الرسمية التي تربط المحافظة بإقليم شمال العراق، والتي تدخل منها كميات كبيرة من الغاز المنزلي والبنزين.
وبعد استقرار سعر جرة الغاز على 2300 ليرة لوزن 25 كيلو غرام، وهو سعر ممتاز مقارنة بما كانت عليه الأسعار التي سجلت أكثر من خمسة آلاف ليرة، عادت الأزمة من جديد، واختفت الأسطوانة بشكل مريب خلال ساعات من بدء أحداث العراق، وحتى الآن وصل السعر إلى 4500 ليرة.
والحال نفسه ينطبق على كثير من المواد الأساسية، ولاسيما البنزين الذي استقر على سعر 150 ليرة هبوطاً من 300 ليرة وحتى 500 ليرة في بعض الأحيان، قبل أن تعود الأزمة من جديد.
توتر ميداني
عادت أصوات الحرب إلى المحافظة بشكل واضح خلال الأيام الأخيرة بعد هدوء نسبي استمر لنحو عام كامل، ومع روايات عن دخول كميات كبيرة من الأسلحة إلى المعارضة المسلحة في بعض المناطق الريفية النائية قادمة من العراق، عاد الطيران والمدفعية السورية للعمل مجدداً.
وبينما تركز التغطية الإعلامية المحلية والعربية والعالمية على تطور الأوضاع الأخيرة في العراق وتداعياته على مستقبل المنطقة ككل، تئن محافظة الحسكة التي تستقبل أعداداً كبيرة من النازحين السوريين من عدة محافظات دون اهتمام لما يجري فيها، تحت وطأة حصار متنوع الأساليب، تتحمل الحكومة المسؤولية الكبرى عنه بحكم مسؤولياتها القانونية.