من الذكرة : مفردات في ضوء الشمس
ثمة استفسارات في ذهن كل منا، يحتفظ بمفرداتها - غالباً - طي الكتمان، مع أنها تشغله وتؤرقه وتؤلمه، ويتردد في الإفصاح عنها بزعم أنها خصوصية لا يجوز لعيني كائن من كان أن تراها، أو لأذنيه أن تسمعها، قبل أن يصوغها بأسئلة مكتملة واضحة. والحقيقة أن هذه الاستفسارات عادية وعامة، يجدر إطلاقها لتسهم في رسم معالم رأي عام شعبي ووطني نحن في أمس الحاجة إليه ضمن هذه الظروف الملتهبة.
وقد اعتراني إحساس بوجوب طرح بعض ما يشغل ذهني، وبخاصة أنني تذكرت أحداثاً سياسية أعقبت عدوان الخامس من حزيران عام 1967. ففي شهر تموز عام 1968، وفي العطلة الصيفية بعد عام تدريسي في محافظة دير الزور، قرأت بياناً صادراً عن اجتماع لممثلي الأحزاب الشيوعية والعمالية في العالم العربي، بحثوا فيه الأوضاع العامة في بلدانهم، ورأوا أن العدوان مازال مستمراً، وخلصوا إلى تحديد المهام المباشرة والبعيدة لجميع القوى الوطنية والتقدمية الحقيقية تحت عنوان «إن إزالة آثار العدوان تقتضي..» وذيلت تحته المهام المحددة.
وفي اجتماعٍ ثانٍ عقد بشهر حزيران عام 1983 أصدروا بياناً، تضمنت مقدمته التالي “تشغل المنطقة العربية مكاناً بارزاً في إستراتيجية الحرب والتوسع والعدوان للولايات المتحدة الرامية إلى بسط السيطرة الامبريالية على العالم، وتشدد الإمبريالية الأمريكية هجوماً على حركة التحرر الوطنية العربية، محولة المنطقة بأسرها إلى بؤرة مشحونة بالتوتر والحرب، وتستخدم في سعيها لفرض سيطرتها السياسية والعسكرية والاقتصادية على كامل المنطقة كل الوسائل، بما في ذلك العدوان المسلح والتهديد بالحرب ودبلوماسية الصفقات الاستسلامية والضغوط الاقتصادية».
وفي شهر تشرين ثاني من العام نفسه، عقد اجتماع آخر أصدر نداء إلى الأطراف المتقاتلة في شمال لبنان جاء فيه “فليتوقف اقتتال إخوة السلاح فوراً.. إن أحزابنا الشيوعية والعمالية في البلدان العربية لتهيب بجميع القوى الوطنية والتقدمية على ساحة العالم أن تمارس كل ما لديها من هيبة ونفوذ لتحقيق هذا الهدف النبيل قبل فوات الأوان».
وتمر السنوات ونصل إلى ما نحن فيه من أوضاع عاصفة ودامية على طول وعرض الساحة العربية والعالمية.. ويتبادر إلى ذهني السؤال التالي: إذا أتيح لهذه الأحزاب أن تجتمع اليوم، فما هو النداء الذي سوف تتوجه به؟!.. ومازال في البال كلام.