كارثة بيئية كبرى في «غابات» اللاذقية
صبيحة يوم السبت الواقع في 31/5/2014 وإثر شرارة من مركز تحويل كهربائي هوائي في منطقة البهلولية، اندلعت النيران من إحدى القرى الصغيرة «الشيخ خليل» المحاذية لبحيرة نهر الكبير الشمالي، وامتدّت شمالاً مسافة تتجاوز الـ3 كم وطالت الجبال والوديان والأراضي الزراعية بأطراف قريتي «الرويسة وأرشوك» وصولاً إلى شاطئ البحيرة تحت قرية «الشير». والتهمت مساحات واسعة من الغابات والتي أغلبها من أشجار الصنوبر وتحوّلت إلى رماد.
طبعاً وكالعادة، وصلت سيارات الإطفاء متأخرة بعد أن أتت النيران على آلاف الدونمات الحراجية والزراعية. وأصبح من الصعوبة بمكان السيطرة على ألسنة اللهب بعد انتشارها.
غياب خطة الحماية
ومما ساهم باكتساح النيران لهذه المناطق الشاسعة هو المناخ الحارّ، والرياح القوية، وتأخر وصول الإطفائيات.. والأهم من هذا وذاك، هو عدم وجود خطة استراتيجية منهجية في حماية الغابات.
فمن المعروف أن البلدان التي تتمتع بالغابات الحراجية، يتم تقسيمها إلى مربعات تفصل عن بعضها مساحات مدروسة، يتخللها طرق عريضة لتسهيل وصول الآليات المعدّة لإطفاء الحرائق في حال نشوبها. فإذا اندلع حريق في إحدى هذه المربعات لسببٍ ما، فإنه لا ينتقل إلى الغابة المجاورة إلا في حالات نادرة.
كما أن نقطة الضعف في غاباتنا هو شجر الصنوبر سريع الاشتعال، كون ثمارها تتحول لدى اشتعالها إلى «قذائف صنوبرية» يصل مداها إلى عشرات الأمتار.
مقترحات وحلول
وللحيلولة دون تكرار هذه الكارثة الاقتصادية والبيئية الفادحة، وخاصةً أننا نقترب من موسم الحرائق، فإننا نقترح التالي:
- تقسيم الغابات إلى مربعات- كما أسلفنا- وفق المعايير المعتمدة عالمياً.
- إحداث مراكز للإطفاء في مختلف المناطق الحراجية في المحافظة، وتجهيزها بكافة احتياجاتها الضرورية.
- غابات اللاذقية الجميلة تغطي ما يقارب 27% من مساحة المحافظة، وهي تستحق تأمين طائرات عمودية مختصة بإخماد الحرائق.
- تفعيل الجهة المشرفة على الغابات من قبل مديرية الزراعة ومتابعتها ومحاسبتها عند تقصيرها. والتعاون والتنسيق مع مديرية البيئة التي ما زالت بلا عمل منذ إحداثها وحتى الآن.
- الاستعاضة عن شبكات خطوط التوتر الكهربائية بأخرى أرضية، في المناطق الغابية لأسبابٍ وقائية وفنية وجمالية.
- العناية والاهتمام بمنطقة بحيرة نهر الكبير الشمالي (سدّ 16 تشرين)، فهي من أجمل المناطق في الساحل السوري، وتزويدها بمختلف مكوّنات البنية التحتية لاستثمارها سياحياً، من منتزهات وتلّفريك ومحميّات طبيعية.
الجدوى الاقتصادية..
أمّا وقد ودّعنا جزءاً هاماً من ثروتنا الحراجية، وبانتظار أن تنمو تلك الغابات من جديد بعد سنوات طويلة. فإنه من المفيد التفكير مليّاً بدراسة الجدوى الاقتصادية من غاباتنا، وأخصّ منها الصنوبرية.
وطالما أن الأشجار الصنوبرية التي احترقت والتي هي أملاك دولة، مضى على زراعتها أكثر من نصف قرن، والفائدة منها تقتصر على حصولنا على الأوكسجين والتمتع بجمال خضارها.. ما المانع أن يتم زراعة هذه الجبال بأشجار مثمرة تناسب تربة ومناخ هذه الجبال، وتكون ذات فائدة أكبر، ونحصل على خيراتها بأقلّ من عشر سنين.
تقدير الأضرار وتعويضهم
أخيراً، وبعد أن التقت «قاسيون» بعدد من الأهالي الذين تضرّروا من الحريق، وأغلبهم من الفقراء الذين يعتمد دخلهم الأساسي على الزراعة، فإنها تطالب بتشكيل لجنة لتقدير الأضرار التي أصابت أصحاب المزارع وتقديم التعويضات المناسبة لهم.