أعيدوا ديمقراطية التعليم.. سريعاً
امتازت سورية فيما مضى عن غيرها من البلدان العربية بوجود المكتسبات الاجتماعية التي حصّلها الطلاب على امتداد تاريخ الوطن الحديث، ومنها ديمقراطية التعليم ومجانيته ودعم أسعار الكتب الجامعية، وقد جاء ذلك نتيجةً لنضال طويل خاضته الحركة الطلابية السورية منذ الخمسينيات، ولم تكن هذه المكتسبات في يوم من الأيام منةً من أحد على أبناء سورية، وأبرز معالم هذه المكتسبات كان تأمين السكن الطلابي بأسعار رمزية وإتاحة فرص التعليم المجاني بكل مراحله للجميع دون أدنى قدر من التمييز، بل وامتد إلى تأمين فرص العمل لمعظم الخريجين الجامعيين وغير ذلك من أمور كان السوريون يحسدون عليها.
لكن ومنذ انتهاج السياسات الاقتصادية الليبرالية لحكومة عطري «غير المأسوف على رحيلها»، بدأت هذه المكتسبات الاجتماعية بالسقوط واحدةً تلو الأخرى، وواجه الطلاب تفكيكاً ممنهجاً لمبادئ ديمقراطية التعليم المجاني، فانتشرت الجامعات الخاصة التي جاءت استجابة أو تلبيةً لمصالح كبار رجال الاعمال التي تقاطعت مع مصالح كبار أساطين الفساد في سورية، ما أدى إلى شيوع التعليم بنسخه الليبرالية المختلفة؛ الخاص والموازي والمفتوح والافتراضي، بالتزامن مع رفع معدلات القبول الجامعي بشكل جنوني، وهو ما يعني في المحصلة فرض ضرائب ناعمة على أبناء الفقراء تمنع عنهم التعليم الذي اقترب في زمن «اقتصاد السوق الاجتماعي» من التحول إلى احتكار للأثرياء وأبنائهم.
من هنا، ولاعتبارات تتعلق بالمتغيرات التي تعيشها سورية حالياً على طريق الإصلاح المنشود، لابد من التذكير بهذه المكتسبات ودورها الهام على صعيد تعزيز الوحدة الوطنية وإنشاء مناخ من الانتماء الوطني الذي تعززه الجامعات بكل فروعها دون إيعازات، وعليه فإن طلاب الجامعات السورية الذين حرموا من حق التعبير عن مطالبهم (والأمل ألاّ يتكرس هذا الحرمان كواقع)، يتطلعون إلى المستقبل القريب وقد أعيدت إليهم مكتسباتهم المشروعة التي ورثوها عن أجيال النضال على امتداد تاريخ سورية ما بعد الاستقلال