التهريب مستمر.. والدخان الأجنبي دليل إدانة!
رغم الوعود الحكومية الكثيرة بمحاربة آفة التهريب التي تعمل قتلاً وتدميراً باقتصاد البلد، ورغم أن ظروف البلد الأمنية غير آمنة بالمطلق منذ ما يربو على سبعة عشر شهراً، إلا ان المهربات من كل شكل ولون مازالت تغزو أسواقنا كما لو أن لا شيء يستدعي عدم الإمعان في تدمير ما تبقى من الاقتصاد، ومن الجلي أن اموراً كثيرة بفعل الأزمة الحالية تعرضت لحالة التسيب والفلتان، ومن أوضح هذه الأشياء تهريب الوقود بصنفي البنزين والمازوت عبر المداخل الحدودية مع العراق ولبنان والأردن بوجه خاص.
ويأتي تهريب الدخان بدرجة ثانية بعد الوقود، وبوتائر عالية دون أن يحسب المهربون حساباً لأي كان، معرضين الدخان الوطني لأزمة كبيرة في التسويق والتصدير.
شيوخ الكار
من الملاحظ ان هؤلاء الحيتان والرؤوس الكبيرة في مافيا التهريب عامة، وتهريب الدخان على وجه الخصوص مؤمنة تماماً في تحركاتها، وكما كنا نسمع من قبل بان هؤلاء يملكون سطوة واسعة على رجال الجمارك، وكثيراً ما تكون الشاحنات تسير بخطا « واثقة» نتيجة حمايتها من سيارات الدفع من نوع الدفع الرباعي الجاهزة للاشتباك مع رجال الجمارك في اية لحظة، إن وجدت نقطة حدودية قلبها على الوطن واقتصاد الوطن، ولم ترتض أخذ المعلوم من هؤلاء الحيتان.
سوق مربحة
لعل المحفز الرئيسي لهؤلاء المهربين الكبار على الاستمرار في تهريب الدخان إلى سورية، هو ضخامة السوق السورية من حيث الاستهلاك للتدخين، والربح الكبير من تهريب الدخان إلى هذه السوق، وولع شريحة كبيرة من السوريين بالسيكارة، وهم يتناسون همومهم بـ «دخن عليها تنجلي».
ويبقى الدخان له الأهمية القصوى في عملية التهريب وخاصة بين البلدين الجارين سورية ولبنان، فأن يربح التاجر عن كل صندوق دخان ما يزيد عن المئتين والخمسين دولاراً، هذا يعني بالضرورة أنه سيتحفز أكثر للاستمرار في هذا العمل غير الشرعي وعبر المعابر غير الشرعية التي لا يستفيد الاقتصاد من ليرة واحدة من هذه» التجارة» ومن المخيف أن تقرأ أو تسمع أن لبنان وحده يتكفل بإغراق السوق السورية ورئات المدخنين السوريين بأربعة ملايين علبة دخان سنوياً.
أصناف من كل شكل ولون
في الفترة الأخيرة، ومع بدء الأزمة الوطنية وإلى الآن امتلأت السوق السورية بأصناف دخان جديدة غير معروفة المنشأ في معظمها، ولكنها لاقت رواجاً لأنها ذات أسعار أخفض تقارب أسعار الأصناف التي درج السوريون على استهلاكها وافتقدوها لضيق حالهم وضعف قدرتهم الشرائية، وهي الأسعار التي تراوحت خلال السنوات الثلاث الماضية على أقل تقدير بين 45 و65 ليرة للباكيت. أما الأصناف التقليدية فارتفعت أسعارها إلى الضعف تقريباً، فما كان يباع بـ40 ليرة قبل سنة بات اليوم يباع بـ80 ليرة.
الحكومة وقرارات على الرف
صدرت قرارات حكومية كثيرة بوجوب منع تهريب الدخان إلى سورية، كما صدرت قرارات ومراسيم كثيرة بوجوب محاربة التدخين، وخاصة في الأماكن العامة، وبجميع الأصناف، لكن هذه القرارات قد تعرضت للخرق والتجاوز خلال أيام قلائل من صدورها، وكان شيئاً لم يكن، والدليل أن معظم المطاعم التي خصصت مكاناً للتدخين عادت، وأفرجت عن المدخنين، وإعادتهم إلى جوار غير المدخنين،
لا يبدو أن الحكومة جادة في محاربة «جريمة» تهريب الدخان الأجنبي إلى السوق السورية، ويبدو أن هناك ما هو أهم من موضوع التهريب وغير التهريب ضمن الظروف الحالية.