مطبات: أوراق الولد الضال
بين أخذ ورد، مديح وذم.. هكذا تبدو الحالة شبه ديمقراطية، قرارات خاطئة، وتعديلات يتم تعديلها بما يتناسب مع المرحلة، قوانين تطفو على الساحة كموجة تسونامي تأخذ طريقها إلى الجدل والنقاش، وتبدو أيضاً كحالة تغيير موضوعية لحوارات تصب في خانة البحث عن الأفضل.
وفي هذا الصراع تتوقع كمراقب وليس كمواطن أن تلمس تأثيرات الحالة الديمقراطية والقوانين التي تلدها معدلة بنكهة التغيير تفعل فعلها على الوجوه، وفي البيوت، وفي دوائر الوظيفة، وأحاديث ركاب السرفيس القادم إلى المدينة.
ولكنها على حالها.. وقد يقول البعض إن الحكومة الجديدة عليها أعباء كبيرة، وتركة فساد، وميراث أزمات من سالفتها، وبالكاد في السنة الأولى قد تتمكن من وضع حلول إسعافية لكل ما سبق، وأن ما يجب أن نفعله لها هو الدعاء بالتوفيق، ومساعدتها في الخروج واقفة وسط كل هذا التيه من الأخطاء.
وكمواطنين صالحين لن نبخل ببعض الدعاء للحكومة الجديدة، بل من واجبنا أن نقف معها لإدراكنا العميق بأنها جاءت في وقت عصيب، وأن علينا أن نغفر لها هفوات صغيرة مقابل إدراكنا أيضاً لحجم التركة الملقاة على عاتق طاقمها.. ولكننا طوال فترة تربع الحكومة على كرسيها نقلب في أوراق ملاحظاتنا فلا نجد سوى رغبتها في خدمتنا فقط، وقرارات على عجل فقط، وانتقادات ذاتية توجهها لكوادرها المتقاعسة التي لا تحاسبها، والتي تنعكس على حياتنا ضرراً، وعلى بعض المنتفعين المساهمين في أزمتنا مزيداً من المال والأرصدة..
من آخر ارتجالات الحكومة.. تعليق الاستيراد لبعض السلع ومن ثم تعليق العمل بالقرار، وإلغاؤه أخيراً، للأسباب نفسها الوجيهة والوطنية يُتخذ القرار ولأجلها يلغى.
توقفت إعانات الشلل الدماغي بسبب تلاعب في أسماء المستفيدين، واعتراضات من بعض الأسر على إيقاف صرف المعونة بسبب الأوضاع المالية السيئة لأهالي المعاقين، ثم يصرح مدير الشؤون الاجتماعية والعمل عن بدء عملية توزيعها على شرائح ودفعات.
المعونة الاجتماعية في جانبها الوطني والإنساني كلفت الدولة الكثير من المال والجهد والبشر، ولأجلها ضربتنا الحكومة على قفانا بوضعنا في سلم أولوياتها، وأرجأت من أجل إعانتنا مشاريعها المستقبلية والإستراتيجية، ومن ثم يتم اكتشاف الهفوات والأخطاء الجسيمة بحق من هم أولى بإعانتها، وأخطاء لا تغتفر في مسحها للمستحقين، وفي تقديم المال لمن لا يستحق... الوزير الجديد للعمل يؤكد الأخطاء ولكن ما الذي فعله لتغيير الواقع، فالوزارة لم تقرر بعد سوى متابعة التوزيع بالآلية نفسها، والسير فوق الخطوات الخاطئة بقدم مرتجفة.
ما زال مستحقو السكن البديل ينتظرون الوعود، وما زال مطلقوها على رأس عملهم في الحكومتين السابقة واللاحقة، ومن فترة لأخرى يخرج الواعدون بتصريحاتهم عن بناء شقق سكنية هنا وهناك من أجل المخرجين من بيوتهم... أما الذين تم إيواؤهم منذ ثلاث سنوات على وعد ثلاثة أشهر فينتظرون التنفيذ.
في التربية ما زالت النقاشات حول المنهاج الجديد الخطوة الأجدى في التجربة، فهي على الأقل فتحت الباب على منهاج قديم أصبح ضرورياً تغييره، ولكن الوزارة الجديدة استمرت في إقامة الدورات التي يصفها الأساتذة بالفاشلة التي لم تحسن مهاراتهم، وما زال الأهالي يجاهدون ليتعلم أبناؤهم بواسطة الأستاذ الخاص.
في أوراق الولد الضال.. معونة المازوت التي ستحسم قريباً، والغلاء الذي سيأتي بعدها، وجر المياه إلى دمشق، وجبل قاسيون الذي يهدد حياة أربعة آلاف أسرة سورية تنتظر البديل، فيما الدراسة الجيولوجية التي تحذر من توسع الفالق الصخري حبيسة القرار.
في أوراق الولد الضال.. حكايات الناس والبلد، وأماني وأحلام البسطاء الذين ينتظرون ألا تعاد الحكاية كلما أطلت حكومة برأسها.