مجانين عامودا و«صناديد» الانترنت!
حمدالله إبراهيم حمدالله إبراهيم

مجانين عامودا و«صناديد» الانترنت!

الشبكة العالمية للمعلومات «الإنترنت» هي الاختراع الأكثر سحراً وجاذبية في هذا القرن، ويعتبر نافذة المرء إلى العالم بأكمله دون أية رقابة رسمية، وهو منجز علمي رائع بلا شك، ولكن المشكلة في توظيفه وأوجه استخدامه، فعلى ما يبدو أنه بات لدى البعض أداةً لتسويقالشتائم والأفكار المستهلكة والسطحية، ووسيلة من وسائل النجومية لدى هذا وذاك يستخدمه لتلميع صورته ويقدم نفسه من خلالها باعتباره «صنديداً» وقائداً من قادة الثورة، وهو الذي كان على الدوام  خادماً وعبداً وعميلاً للنظام على مدى سنوات!. 

وصنديد آخر، لا يجيد قراءة الحروف الأبجدية، ولا يميز المذكر من المؤنث؛ صار بفضل هذا الاختراع يهاجم غوركي، وناظم حكمت، ولوركا، والجواهري، ويدعي أنه يمثل الصحفيين والمفكرين والأدباء!.

وصنديد ثالث لا يميز يده اليسرى من اليمنى، ولا يفقه فاصلةً في ألف باء السياسة، صار يهاجم ماركس ولينين، وغيفارا، وستالين!.

وصنديد غير أولئك، كان يمنع عائلته من التكلم باللغة الكردية، صار اليوم بفضل هذا الاختراع الساحر يدعي بأنه من حافظ على الوجود الكردي وتراثه!.

أما أغرب الظواهر التي نجدها على صفحات النت عند بعض الصناديد، فهي انتشار الكذب والنفاق والتفاخر بهما، حيث يؤكد لك الكذابون والمنافقون، وببلاش، أنه لا أخلاق ولا مبادئ في الكتابة! .

يكتب أحد «الصناديد» شيئا عادياً، فترى بعد مرور ثانيتين إعجاب فلان وفلان و فلان و48 شخصاً آخر بهذه الكتابة (على  شو ها الإعجاب ما بعرف)، ويحضرني هنا  أن شخصاً كان قد صور كلباً شارداً في الشارع ودون أية كتابة، أعلن فلان وفلان وفلان و48 شخصاًإعجابهم به، وصنديد آخر صور نفسه مع ذلك الكلب فلاقت الصورة أيضاً إعجاب فلان وفلان وفلان و45 شخصاً غيرهم!.

أثناء مناقشة هذه الظاهرة، علق أحد المجانين قائلاً: عندما كنا شباباً وطلبة مدارس كان كل شيء ممنوعاً علينا، مثل انتقاد أية ظاهرة سلبية سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية، وحتى الحب والمغازلة كان ممنوعاً علينا أيضاً.. فكيف كنا نعبر عن ما يجول فيأنفسنا؟!.

كانت هناك طريقة وحيدة وهي الكتابة على أبواب الحمامات (المراحيض) في المدارس والجوامع والمحلات العامة، فكنا نكتب عليها بحرية ودون خوف وكل ما نريد مثل (عاش فلان، أو يسقط فلان، أو عاش الحزب الفلاني، أو يسقط الحزب الفلاني، أحب فلانة، وأموتبفلانة.. الخ).. وكنا نشتم فلاناً وأم فلان، وأخت فلان.. الخ، وكان الشخص منّا يظن نفسه وهو يكتب هذه العبارات المبتذلة بأنه سيغير وجه العالم بأسره، وتراه أجبن خلق الله في أية مواجهة أو موقف يستدعي الشجاعة و الإقدام.

 قارنت بين بعض الكتابات في الفضاء الالكتروني هذه الأيام  والكتابة على أبواب الحمامات قديماً، لم أجد أي فرق بينهما سوى فرق واحد، فقد كنا نقول عن الذي يكتب على باب المرحاض إنه جبان لايستطيع أن يواجه أحداً، أما هذا النموذج في الفضاء الالكتروني فيقال عنهفي الوقت الحاضر من  بعض من يشبهه إنه من الصناديد، والحقيقة هو أيضاً جبان (رعديد)، لأن قسماً كبيراً من هؤلاء الصناديد لم يقدم شيئاً حقيقياً على الأرض، وما زال يمارس بطولاته من خلف الكيبورد.. وفقط!.