معامل صغيرة «تقرصن» علامات تجارية كبيرة!

معامل صغيرة «تقرصن» علامات تجارية كبيرة!

شكل الانفلات الأمني مؤخراً، مع ضعف الرقابة الحكومية على مختلف النواحي في ظل الصعوبات الراهنة، تربة خصبة للعديد من المستغلين، أو ما أطلق عليهم اصطلاحاً اسم «تجار الأزمات»، حيث قام هؤلاء بابتكار أو اتباع طرق جديدة أو قديمة لكنها غير مشروعة، بغية تحقيق مآرب شخصية بطريقة أنانية دون اكتراث بالوضع المعيشي والاقتصادي الصعب.

أثناء التجوال بين «البسطات» التي انتشرت بشكل «سرطاني» خلال الأزمة الحالية، ورغم ارتفاع الأسعار أكثر من 100% لبعض المنتجات، قد تتم مشاهدة بعض السلع ذات الماركات والأسماء التجارية المشهورة أو العالمية، وبأسعار غير منطقية أحياناً مع عروض غريبة تثير الشكوك أحياناً أخرى.

وقد لايستطيع الشخص العادي أن يثبت مدى صدق البائع الذي عرض هذه المنتجات على أنها أصلية فعلاً، إلا بعد الاستخدام، حيث استاء بعض مستهلكي هذه السلع من أنها «لا ترقى إلى مستوى منتج درجة عاشرة»، وكان غالبها من فئة المنظفات والعطورات والساعات والأدوات الكهربائية.

منتج مشهور بسعر منخفض

وفي رصد لبعض الحالات، قال مستهلكون لصحيفة «قاسيون» إنهم «قاموا بشراء عدة عبوات شامبو من ماركات معروفة، تبين بعد استخدامها لاحقاً أن جميعها معبأ بالمادة السائلة ذاتها» وأشاروا إلى أن»«هذه العبوات تأتي ضمن عرض بيع واحد، كأن يغلف البائع ثلاث عبوات شامبو من ثلاث ماركات معاً، لتباع على أنها أصلية وبسعر منخفض».

عملية التزوير هذه، وصفها معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، إياد علوش بأنها «قرصنة»، وأنها «عملية معروفة على مستوى جميع دول العالم»، إلا أن عملية القرصنة هذه، انتشرت و بكثرة في أسواق سورية التي تشهد انفلاتاً بالرقابة على كل شيء، حيث لم تنحصر البضائع المزيفة على البسطات المنتشرة في الشوراع فقط، بل وصلت إلى بعض المولات والمحال التجارية، ليتم بيعها بسعر المنتج الأصلي، أو أرخص بقليل على أنها عروض.

معامل سرية للتزوير

ورغم صعوبة العمل الميداني لدوريات مديريات حماية المستهلك، استناداً إلى ماقالته مديرة ريف دمشق في تصريح سابق لصحيفة «قاسيون» بأن «95% من مدن الريف خرجت عن سيطرتها نتيجة سخونة الأحداث الأخيرة»، إلا أن المديرية ذاتها وفقاً لبيان صحفي، ضبطت مستودعاً يقوم بتزوير ماركات معروفة ومشهورة في الأسواق شهر شباط الماضي، ليتم طرحها على أنها ماركات أصلية .

وأوضحت المديرية أنها قامت بضبط مستودع ثان في جرمانا قرب ساحة السيوف، يقوم بتعبئة منظفات في عبوات من ماركات معروفة محلياً وعربياً في الأسواق، ليتم طرحها على أنها ماركات أصلية أيضاً، إضافة إلى ضبط ختامة كهربائية ووعاء بلاستيكي لخلط المادة، ومغارف بلاستكية تستخدم للتعبئة يدوياً.

وأضافت أنها ضبطت في المستودعين السابقين مطبعة عبوات كرتونية، إضافة إلى كراتين وأكياس نايلون فارغة وجاهزة للتعبئة.

تكلفة منخفضة وأرباح طائلة

وقال معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، إياد علوش، في تصريح خاص لصحيفة قاسيون إن «لجوء البعض لتزوير العلامات التجارية المعروفة، وخاصة العالمية منها، ينبع مما تحققه هذه الأعمال من أرباح مالية طائلة، ولسهولة تصريف السلع بسبب رخص أسعارها قياساً بالمنتجات التي تحمل علامات تجارية أصلية، إضافةً إلى انخفاض تكلفة إنتاجها نظراً لعدم تقيد المُقلِّد بحقوق الملكية الفكرية».

وأضاف إنه «هناك أسس وضوابط لتسجيل العلامات الفارقة لدى مديرية حماية الملكية التجارية والصناعية، حيث نصت المادة رقم /5/ من القانون رقم /8/ لعام 2007 على ألا تمس أية علامة تجارية بحقوق سابقة، ومن هذه الحقوق السابقة، العلامة التي سبق تسجيلها على منتجات أو خدمات مطابقة أو مشابهة، سواء أكانت العلامة مطابقة أو مشابهة من حيث الشكل أو اللفظ أو الكتابة، ومن شأنها أن تغشّ الجمهور».

وأردف علوش إن «المواد /61-62-63-64-65-66/ تنص على معاقبة مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم /8/ 2007 –المتعلق بتزوير المنتجات وتقليدها- بعقوبات تتراوح بين الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، والغرامة من 300 ألف ليرة سورية إلى مليون ليرة، أو بإحدى هاتين العقوبتين».

محاكم مختصة بالتقليد

وتابع«نصت المادة /59/ من القانون رقم /8/ لعام 2007، على أن تقوم المحاكم المختصة بدعاوى تشابه العلامات التي يقصد منها الغش والتقليد، بالبت بدعاوى تشابه العلامات التجارية بشكل عام، وذلك بعد أن تضع نفسها مكان المستهلك العادي للمنتج أو متلقي الخدمة، أو بعد أن تأخذ المحكمة بعين الاعتبار التشابه الإجمالي بين العلامة الأصلية والعلامة المشتكى منها، دون النظر لاختلافهما من حيث الجزئيات أو التفصيل» منوهاً إلى أن «هذه المادة  توضح أن إقرار وجود تشابه بين علامات تجارية حقيقية وعلامات مقلدة يعود للمحاكم المختصة».

وعن مايجب أن يقوم به المستهلك الذي يشعر بأنه وقع ضحية غش من هذا النوع، قال علوش إنه «يحق لكل متضرر من وجود علامات تجارية مقلدة في السوق، بأن يتقدم بشكوى إلى النيابة العامة أو لمدير حماية الملكية التجارية والصناعية».

وأردف أنه « تتم دراسة وتدقيق الشكوى وتكليف عناصر من مديرية حماية الملكية (دوريات تتمتع بصفة الضابطة العدلية) لضبط البضائع التي تحمل العلامة المقلدة، وتحال هذه الضبوط مع العينات إلى النيابة العامة المعنية لمتابعة الإجراءات القضائية عن طريق المحاكم المختصة، حيث يعود الاختصاص للمحكمة الناظرة بالدعوى، بإقرار وجود تشابه بين العلامة الحقيقية والمقلدة من عدمه».