السويداء... على دريئة الاستهداف..!
في السويداء طوابير الفقر، طوابير الخبز والمحروقات فيها يكمن الرعب الأكبر لقوى النهب والفساد في النظام والمعارضة، الطوابير التي بدأت تعيد اللحمة والوحدة الطبقية للشعب السوري خارج الفرز الوهمي لموالاةومعارضة.
فبعد الطرح والضرب والقسمة الدامية طيلة سنتين والتمويل المشبوه والسلاح، بعد كل العنف العسكري الذي عشناه حتى اليوم، وبعد فشل التدخل الخارجي المباشر كانت الضرورة حتمية لـ«الطابور الخامس» منالغدر والغرباء والتدخل المبطن والمقنع، كيف لا والطوابير تجمع السوريين بأغلبيتهم الفقيرة حول القضايا التي تهم قضايا الشعب التي هي خط أحمر لهم، وتأسيس الطريق الحقيقي للمصالحة الوطنية من خلال الخبز وكلالقواسم المشتركة في حجم الفقر والقهر والتهميش أخاف قوى الظلام والفساد، وطوابير البرد والذل والموت البطيء أضاعت الملكية الحصرية للشعب السوري من أيدي الخفافيش وكسرت الجليد والقسمة الكاذبة للفقراء، فمنقال إن الشعب لا يحبل ولا ينجب وأن الشخصيات البارزة والبطولات المعدة عن بعد هي الحل والأمل والخلاص؟!... من الذي يسعى لاستئصال الرحم التي تنمو فيها ثورة الفقراء الحقيقية سوى الخفافيش ذاتها وطيور الظلاموالأزمة
السويداء محافظة اللجوء لمن أُجبر بوهم الحسم والانتصار العسكري على اللجوء، بفقرائها من الأهالي والنازحين إليها لم يحصلوا بعد على مادة المازوت المخصص لبرد شتاء الأزمة والمسروق في وضح النهار من بعضمسؤولي اللجان المرتزقة من قوى الفساد.
في السويداء كما في كل البلد الفقراء يشعلون الصبر والانتظار المر وبقايا الحطب وأشجار الحراج، والأحذية والبلاستيك والورق وأشجار الشارع الكئيب، والزيت المحروق في محركات السيّارات وفضلات الغنم والأبقارالملتقطة من المراعي والبراري... فقراء طوابير الخبز المقنن تحت ذريعة بيع مادة الطحين والمازوت المدعوم المخصص للأفران في السوق السوداء والأفلام المدبلجة عن رمي مئات الربط من الخبز هنا وهناك في مسلسلالتهم المتبادلة عن صنّاع الأزمة، وحدهم الفقراء الضحية التي يطلب منها التحلي بكل معاني المسؤولية الوطنية والغفران والسكوت عن سطوة السكاكين التي تجز لحم ودم الشعب...
ومن لم يمت بالرصاص.. مات بغيره.. بنيران مدفعية التجار وشظايا الأسعار المتفجرة التي لا يسلم منها أي فقير، وكانت الحجة في رفع الأسعار عدم إمكانية النقل على طريق دمشق-السويداء بسبب القناصين والحواجز وقطعالإمدادات والبضائع عن محافظة كاملة، ما أدى طبعاً لرفع الأسعار، أو بالأحرى «تحرير» الأسعار من دكتاتورية الشعب وتسليمها للتجار الأفاضل أصحاب القلب الطيب واليد البيضاء...
تخرج علينا ما تسمى «جبهة النصرة»، واليوم تكثر دعوات التسلح من جهات عدّة تحت كل أنواع التبريرات الممكنة والتي تجتمع عموماً في كونها «الرد الطبيعي من حيث الأداء والوظيفة الطائفية لدعوات مماثلة للزحفعلى السويداء وتحريرها.. » . تتوالى الدعوات لندرك أن الهدف هو إفناء الشعب السوري الذي علمته طوابير الفقر مكامن القوة و وحدة المصالح الطبقية لديه بين تهليل مراهقي المعارضة المسلحة وتهويل النظام، وفيالسويداء الشهداء الأحياء الذين لجؤوا هرباً من حرب «التحرير والتطهير» التي كسرت ظهر الشعب السوري بمجمله ومزقت لحمه وأرضه وأباحت دمه تحت وهم الحسم والانتصار العسكري المنتظر للأطراف المتقاتلة،أولئك الشهداء الذين نقلوا الدرس الذي تعلموه جيداً... « لا يمكن للسلاح أن يكون حلاً بين أبناء الوطن»، والدروس التي تعلمها أبناء السويداء سابقاً عن التكلفة العالية للصدام الأهلي، كل ذلك هو ما دفع بأهالي المحافظة إلىرفض تأمين البيئة الحاضنة للمسلحين ومنعوا دخولهم لقراهم وأجبروهم على التراجع والانسحاب خوفاً على السلم الأهلي وانتقال العنف والعنف المضاد إلى بيوتهم وانتظار المصير ذاته الذي شهده باقي أبناء البلد.
أبناء السويداء، فقراؤها ونازحوها، ليسوا في حاجة لمن يعلمهم دروساً في الوطنية والدفاع عن الوطن، هم الذين اختبروها في نضالاتهم المشرفة ضد الاحتلال العثماني والفرنسي، هم ورثة تاريخ «يوسف العظمة» وكلالوطنيين الأحرار الرافضين لمنطق التدخل الخارجي والعنف العنف المضاد، هم المؤمنون بالله والوطن وضرورة التغيير الوطني الديموقراطي الذي يقف في صف الفقراء والمهمشين الموحدين الآن في طوابير الثورةالقادمة..
وهي تظلُّ تردد أغنية النضال....
هذول احنا هذول احنا... ما نغيّر ملامحنا... نشق الليل والعتمة... نرد النجمة على النجمة... ونصنع فجر ونضمه ونحميه بجوارحنا... هذول احنا هذول احنا... رفاق الموت ما نهابه... ونكسر مثلبه ونابه... ولا الزنزانةوعذابه ترجّعنا ولا المحنة... هذول احنا هذول احنا...
الشعب السوري الفقير مندوب الجرح الذي لا يساوم قد علمته ضربات الحرب أن يضمد الجرح .. يلثم موتاه.. ثم يمشي يكمل ويقاوم...