مدارس المناطق الآمنة... في ظل الأزمة!
يجلسون بجانب بعضهم البعض، بأجسادهم الصغيرة اصطف تلامذة المرحلة الابتدائية في صفهم الذي بات يضم ما يصل إلى 50 تلميذاً، فيما يتأخر وقت عودة بعضهم الآخر إلى منزله إلى بعد الظهيرة بسبب الدوام المسائي.
حيث اضطرت بعض المدارس لافتتاح أبوابها حتى وقت متأخر لاستيعاب التلامذة ومعلميهم ممن شاءت الظروف أن يتحولوا عن مدرستهم الأم.
وبمحاولات بائسة، لم تتجاوب وزارة التربية مع اتصالاتنا الهاتفية لمقابلة أحد يفيدنا بتوضيح حال الطلاب والأساتذة في المناطق الساخنة والآمنة، بينما وضعت مديرية تربية ريف دمشق عقبات روتينية للحيلولة دون تزويدنا بمعلومات تخص وضع المدارس في المحافظة، مكتفية بالقول إن «خروج عدد من المدارس من الخدمة ناتج عن قلة الأمان في المنطقة وليس عن تدمير في تلك المدارس».
أغلب الطلاب الجدد من حمص ودرعا
وقالت مديرة إحدى مدارس الحلقة الأولى في منطقة ركن الدين إنه «في بداية العام الدراسي الحالي تم قبول أطفال الأسر النازحة في مدارس المنطقة، وغالبيتهم من حمص ودرعا، وبعد أشهر من الدوام تسرب الكثير منهم ما لم يزد العبء على سعة الصفوف وجهد الكادر التدريسي، عدا عن كثرة المدارس في المنطقة التي استوعبت هؤلاء الأطفال».
وأضافت أنه «لم يشكل النازحون عبئاً كبيراً في البداية وكانت أعدادهم مقبولة وضمن المعقول، فقد زاد عدد الطلاب في الصف الواحد من 30 إلى 40 طالباً «، مشيرةً إلى انه «تم ندب بعض المدرسين من محافظات أخرى إلى مدارس المنطقة بأعداد قليلة، حيث لم يندب إلى مدرستنا سوى مدرس واحد من حلب».
تعطيل دوام الفصل الأول وامتحانات في مدارس مستأجرة
بدورها قالت إحدى مدرسات مدارس «الأونروا» لللاجئين الفلسطينيين بذات المنطقة إنه «في بداية العام الدراسي الحالي لم يتمكن طلاب مدرستي (صفد وقيسارية) من الدوام في مدرستهم، حيث تم تعطيل دوامهم بسبب وجود النازحين فيها، وعدم تعاون وزارة التربية بتأمين بديل لهم، ما اضطر الطلاب للدراسة عبر الانترنت من المنازل، وتم استئجار بعض المدارس لتقديم امتحانات الفصل الأول».
وأضافت أنه» وبالنسبة للفصل الدراسي الثاني، استطاعت الوكالة أن تصل إلى اتفاق مع وزارة التربية، لتأمين هؤلاء الطلاب في مدارس أخرى، وكانت النتيجة بمدرستين سيقوم الطلاب بالدوام فيهما من الساعة 12 والنصف حتى الثالثة والنصف ظهراً».
ازدحام في القاعة الصفية.. والسياسة على ألسنة الصغار
ومن جهتها تحدثت وعد مدرّسة في إحدى مدارس جرمانا، على اعتبار أنها منطقة آمنة استقبلت أطفال الأسر النازحة وبعض المعلمين، وقالت إن «المدرسة استقبلت طلاباً تم توزيعهم على الصفوف الموجودة في الدوامين، لأن المدرسة أساساً تعمل بنظام الدوام النصفي».
وأضافت وعد إن «عدد الطلاب نتيجة لذلك وصل إلى حوالي 50 تلميذاً في الصف الواحد، ما أدى بدوره إلى صعوبة بالغة في ضبط التلامذة خلال الحصة الدرسية، وجهد مضاعف من المعلم لتوضيح المعلومات، بسبب الضجيج، فضلاً عن الشجارات بين الطلاب التي لا تخلو من المضمون السياسي، وصعوبة الانسجام فيما بين التلامذة الجدد والقدامى».
ولفتت وعد إلى أن «المدارس الثانوية في المنطقة لم تفتتح دواماً ثانياً، والسبب قد يكون إما قلة أعداد الطلاب النازحين في المرحلة الثانوية، أو بسبب إمكانية التغيب عن المدرسة كونها ليست مرحلة إلزامية، ويمكن الدراسة في المنزل أو المعهد».
وعن وجود معلمين جدد في الفترة الأخيرة، بينت وعد إن «عدداً من المعلمين تم نقلهم إلى مدارس جرمانا للدوام فيها، رغم عدم وجود نقص بالمعلمين، حيث أصبح هناك فائض، وبعضهم ليس لديه عمل ليقوم به».
2072 مدرسة متضررة .. و200 منها خارج الخدمة
وحسب تقرير سابق عن وزارة التربية السورية، يتبين أن عدد المدارس المتضررة في سورية من الأحداث الأخيرة قد بلغ 2072 مدرسة، موزعة على أغلب المحافظات السورية، وصار أكثر من 200 مدرسة خارج الخدمة نهائياً، وأغلب هذه المدارس في إدلب وحمص ودرعا وحماة، إضافة إلى استخدام 824 مدرسة كمراكز إيواء للأسر المهجرة.
بينما يبلغ إجمالي عدد المدارس في سورية نحو 22500 مدرسة، بقدرة استيعابية لخمسة ملايين تلميذ، وقد صنفت أضرار المدارس كما يلي( مدارس أضرارها خفيفة تقوم مديريات التربية بأعمال الترميم والصيانة لإصلاح الأضرار لإدخالها الخدمة من جديد، مدارس أضرارها متوسطة تقوم مديريات التربية بالتعاون مع الجهات المعنية بإصلاحها، ويحتمل أن يعاد تأهيلها على نحو كامل، ومدارس تحتاج إلى إعادة بناء، لأن أضرارها كانت كبيرة جداً) ، حيث أتت الأضرار على البنية الهيكلية والجملة الإنشائية للمدارس.
وقدرت القيمة الإجمالية للأضرار المتعلقة بوزارة التربية من مدارس متضررة أو سيارات مسروقة، أو حتى تأهيل أماكن الإيواء، حتى تاريخه، بما يزيد عن خمسة مليارات ليرة سورية.
وأدى التحاق التلاميذ في المناطق الساخنة، بمدارس المناطق الأكثر أماناً، لضغط على تلك المدارس ما استوجب العودة للعمل بنظام الدوامين، حيث تتوزع هذه المدارس على المحافظات كما يلي: 11 مدرسة في دمشق، ومدرستان في حماة، و20 مدرسة في درعا، و6 مدارس في القنيطرة، و18 مدرسة في الرقة، و98 مدرسة في إدلب، و10 مدارس في اللاذقية، فضلاً عن النقص في مقاعد الدراسة والنقص في الكتب المدرسية الخاصة بجميع المراحل الصفية.
وفيما يخص سجلات وأضابير الطلاب، فقد تم تجهيز أضابير مدرسية جديدة لكثير من الطلاب الذين لم يتمكنوا من أخذ أضابيرهم عند النزوح، ومن ناحية أخرى، طلبت وزارة التربية من المعلمين والمدرسين العاملين في المحافظات غير الآمنة، وضع أنفسهم تحت تصرف مديريات التربية في أماكن اللجوء، ليصار إلى تكليفهم بالتعليم في مدارس تلك المديريات.