هل يعيد المرسومُ الجديدُ حقوقَ المواطنين «المستملكة»؟!
محمد سلوم محمد سلوم

هل يعيد المرسومُ الجديدُ حقوقَ المواطنين «المستملكة»؟!

نصت المادة /15/من الدستور الجديد، بألا يتم الاستملاك إلا للنفع العام، ويتم التعويض العادل للمواطنين الذين استملكت عقاراتهم ويتم التنفيذ السريع للمشروع الذي استملكت من أجله هذه العقارات والتعويض السريع لأصحابها حسب الأسعار الرائجة، وفهم من هذه المادة والتي من المفترض أن تصدر القوانين الخاصة بالاستملاك تحت هذا السقف، بأن العقارات التي تستملك للنفع العام وتمر فترة زمنية ولم تستخدم للغرض التي استملكت من أجله وبالوقت نفسه العقارات التي استملكت وفق القوانين القديمة ومر عليها أكثر من عشر سنوات دون أن تبنى عليها أية منشأة، تعاد هذه العقارات إلى أصحابها، لكن شتان بين ما نص عليه الدستور وبين ما تقرره اللجان على أرض الواقع.

فوضى القوانين

العقار 225 واحد من العقارات التي أصبحت ضمن المخطط التنظيمي لمدينة طرطوس، هذه العقارات كانت خاضعة للقانون 60 لعام 79 ذلك القانون الذي عدل بالقانون رقم 26 لعام 2000 وبموجب القانون 26 إذا لم تستملك البلدية هذه العقارات خلال ستة أشهر من تاريخ تصديق المخطط التنظيمي يحق لأصحابها القيام بإفرازها وفقاً للمخطط التنظيمي المعمول به. وهنا نلاحظ التالي: أولاً أن استملاك هذه العقارات في الأصل مخالف للدستور الذي ينص على أن الملكية الخاصة مصانة. ثانياً؛ لم يعرف أحد من أصحاب هذه العقارات متى صدق المخطط التنظيمي ولا متى انتهت مدة الستة أشهر التي لم تستملك البلدية خلالها هذه العقارات وفقا لما جاء في المادة الثانية من القانون 26 إذا انقضت مدة الستة أشهر ولم يبادر المالكون إلى تقسيمها تعتبر هذه العقارات مناطق توسع عمراني، ويتم استملاكها وفقا للمادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم 20 لعام  83 ويعتبر هذا الاستملاك من المشاريع ذات النفع العام.

تم استملاك أكثر من عشرة آلاف متر مربع عند مرور اتوستراد حمص – طرطوس – اللاذقية في هذا العقار (كما عبر صاحبه لقاسيون)، ولم تدفع المواصلات أي مبلغ كتعويض عن هذه المساحة بحجة أنها خاضعة للربع المجاني، بعد التنظيم وضع ضمن هذا العقار حديقة ومدرسة. ومن ثم اقتطع منه 30 م على طول واجهته كحرم للأتوستراد.

إن المواطن بالأساس لا يعترض إذا تم استملاك جزء من عقاره للنفع العام، أما أن تستملك أرضه وتباع للآخرين ضمن دائرة ظلم وفساد وإفساد فهذا شيء غير معقول، ثم ما هذه الفوضى في القوانين والقوانين التي تعدل، القانون 60 لعام 79 يعدل بالقانون 26 لعام 2000 ثم يأتي القانون 26 ليستملك وفقاً لما جاء في المرسوم التشريعي رقم 20 لعام 83، وكيف يمكن لأي مواطن أن يعرف أو يستوعب ما الذي يجري حوله وكيف يتم التصرف بحقوقه.

نفهم إن الطريق نفع عام، وأن المدرسة والحديقة والمشافي ... نفع عام، والسؤال: إذا تداعت مجموعة من الأشخاص إلى إشهار جمعية سكنية، تقوم البلدية باستملاك أراضي مواطنين آخرين وتقديمها إلى تلك الجمعية السكنية، هنا يقع الظلم على أصحاب العقارات، كما يفتح الباب واسعاً للفساد والسرقة يتقاسم نتائجه بعض موظفي البلدية ومجلس إدارة الجمعية مع من سهل لهم ذلك ومن غطاهم قانونيا.

ثم لماذا لا تتكرم البلدية وتقدم لهذه الجمعيات أراضي من أملاك الدولة؟!.

ولماذا يخسر المواطن عقاره بالكامل ويبقى بقية عمره فقيراً يركض وراء لقمة العيش، ويرى بأم عينيه ومقارناً مع وضعه من مالك أباً عن جد إلى فقير لا ملكية له ولا تعويضاً عادلاً يعوض له ما فقده، ووضع من لا يملك شيئاً وكيف أصبح صاحب نعم من الأموال والعقارات والأملاك الأخرى بعد أن شاءت المصادفات بأن يكون ضمن دائرة الفاسدين الذين اغتصبوا حقوق الآخرين في ظل توزيع الغنائم واستغلال ضبابية وتداخل النصوص القانونية؟!.

أملاك مغتصبة

المواطن محمد يوسف يعرض شكواه لـ«قاسيون» على الشكل التالي: «استولى المشفى العسكري على ثلاثة عقارات هي 201 – 208 – 209 ورضي صاحب العقارات المذكورة بقضاء ما حل به وأسرته وقبض ثمناً زهيداً لعقاراته باعتبارهما ذهباً وفقاً للمرسوم وفعلاً للمنفعة العامة، لكن المفاجأة كانت اغتصاب مجلس المدينة لعقارين آخرين  241 – 244 ونقلهما على ملكيته بشكل قسري، فرفض صاحب العقارات المذكورة قبض ثمنها والذي لا يتجاوز ثمن شجرة زيتون واحدة بثمنها الحقيقي، وهو خمس ليرات للمتر المربع ومائة ليرة لشجرة الزيتون، وأقام مجلس المدينة على العقار 244 مكتب حجز السيارات التابع للمحافظة ويؤجر سنوياً بمئات الألوف مخالفاً بذلك للغرض الذي استملكه المرسوم 11 لعام 1986 لوصلة طريق أوتستراد طرطوس – اللاذقية بالمدخل الشمالي لمدينة طرطوس، ومازال حتى الآن لم يستخدم لغرض استملاكه، وما زاد من الشعور بالظلم لهذا المواطن بعد تعديل القانون 60 والسماح بفرز العقارات الواقعة ضمن المخطط التنظيمي للمدينة تفاجأ بعدم مقدرته لفرز العقار الوحيد المتبقي لديه 2725 بحجة وجود إشارة استملاك عليه لمصلحة المشفى العسكري، وتبين فيما بعد بأنه لا علاقة لوزارة الدفاع ولا المشفى العسكري كلياً بوضع هذه الإشارة، علما إن وزارة الدفاع كانت قد استملكت لمصلحة المشفى العسكري تسعة عقارات مساحتها تقارب 80 ألف متر مربع بموجب مرسوم الاستملاك ذي الرقم 1132 لعام 1985 وهي مساحة تزيد عن حاجتها، بدليل أن قسماً كبيراً من مساحة المشفى يستخدم كمزرعة زيتون، ودليل آخر قامت المشفى ببناء سور لها خارج حدود العقار المذكور، وفي عام 2007 طالب صاحب العقار مجلس مدينة طرطوس برفع الإشارة والسماح له بالإفراز لأن الإشارة غير ضرورية وغير قانونية، وكان رد رئيس المجلس يحمله تبعية عدم فرز العقار ضمن المهلة القانونية التي حددها القانون 26 لعام 2000»، ويتساءل صاحب العقار: «هل يمكن فرز عقار يحمل هذه الإشارة؟». ورغم كل سعيه، مازال حقه حتى الآن مغتصباً ورغم كل جهوده للإبقاء على آخر ما تبقى له من عقارات وهو في العقد الأخير من عمره، متمنياً أن لا يغادر هذه الحياة دون أن يرى بأم عينيه سورية المتجددة دولة للحق والقانون ويرى فاعلية الدستور الجديد بإعادة الحقوق لأصحابها.

استملاك ظالم جديد

تعرضت بلدة الشيخ سعد، باعتبارها مجاورة للمدينة وأملاكها متداخلة مع أملاك المدينة، منذ أكثر من ثلاثين عاماً لاستملاكات ظالمة طالت ما لديهم من عقارات بأسعار بخسة لا تذكر، فاستملك قسم كبير من عقاراتها لأتوستراد طرطوس اللاذقية وخط القطار وسوق الهال والمقبرة الجديدة وغيرها من المشاريع اللاحقة كالسكن الشبابي والجمعيات السكنية سنداً للقانون 60 والعقارات الباقية منذ ذلك العام بقيت رهن الاستملاك دون التصرف بها من  المالكين، فصدر القانون 26 لعام 2000 والخاص بمناطق التوسع السكني والذي أجاز باستملاك أراضي جديدة لم تستملك بالقانون القديم، وفتح الباب حتى للوحدات الإدارية الصغيرة للعبث بأملاك المواطنين، على الرغم من أن القانون 26 أباح للبلدية بأن تبيع %60 من القيم التخمينية لمقاسم كامل المنطقة لجهات القطاع العام لغايات السكن والجمعيات التعاونية حصراً، وتباع باقي مقاسم المنطقة للأفراد الذين استملكت عقاراتهم كل حسب نسبة عقاره المستملك على أن يدفع كامل تكاليف ما خصص له علما أن هذه العقارات هي ملك لأصحابها، وصدرت المخططات التنظيمية وبقيت الأمور على حالها ولم يبادر مجلس المدينة لإبلاغ المواطنين بتقسيم عقاراتهم أو إعطائهم حصتهم من العقارات التي بقيت تحت رحمة مجلس المدينة ومر ثلاثون عاماً دون استملاك أو تعويض يذكر.

منذ حوالي العام شكلت لجنة بأمر وزارة الإدارة المحلية لدراسة تعديل القوانين 60 – 26 ودمجها بقانون واحد هو قانون تنفيذ التنظيم، وأعدت الوزارة الدراسة وتمت مناقشته عبر عدة قنوات ووضع على موقع التشاركية لإبداء الرأي، علما انه تمت صياغته بعد صدور الدستور الجديد، وضعت عليه المئات من الملاحظات وسحب ووضع قيد الأدراج في الوزارة إلى جانب قانون الاستملاك الذي لا يقل ظلماً عنه.

شكوى أهالي بلدة الشيخ سعد

منذ حوالي العام قام مجلس مدينة طرطوس باستملاك أجزاء من بعض العقارات ذوات الأرقام 216 – 221 – 226 – 231 – 225 – 174 وغيرها التابعة للمنطقة العقارية الشيخ سعد والواقعة على يسار العقدة الطرقية لجسر طرطوس – اللاذقية باتجاه المشفى العسكري، وتم استملاك العقارات بأسعار تتراوح من 60 – 200 ليرة للمتر المربع، في حين أن أسعار العقارات في تلك المنطقة تتراوح بين 40 – 70 ألف ليرة للمتر المربع الواحد، وحالياً يقوم مجلس المدينة منذ أيام بإفراز العقارات وسيقوم بتوزيعها على الجمعيات وغيرها دون معرفة أصحابها بمصير عقاراتهم وماهي النسبة التي سيحصلون عليها، علماً أنه تمت إجراء دراسة منطقية للقانون 26 فتبين إن غالبية النسب التي تم إعطاؤها للمالكين لا تتجاوز 10 % بعد كل هذا الظلم الجائر.

أما العقارات الواقعة على يمين العقدة الطرقية باتجاه مرفأ طرطوس بانتظار صدور قرار الاستملاك الظالمة لاحقاً وهذا بعض منها 276 – 275 – 278 – 277 – 261 – 260 – 262 التابعة للمنطقة العقارية الشيخ سعد والخاضعة تنظيمياً وإدارياً للحدود الإدارية لمدينة طرطوس.

وطالب أصحاب العقارات المذكورة بـ:

1 – إيقاف كافة قرارات الاستملاك التي صدرت منذ عام أو أعطائهم نسبة منطقية من أراضيهم إنصافاً لهم.

2 – عرض القانون الجديد بعد الأخذ بالاعتراضات التي قدمت لوزارة الإدارة المحلية فورا للقانون الجديد تنفيذ التنظيم والالتزام بما نص عليه الدستور الجديد سندا للمادة 15 منه لجهة صيانة الملكية الفردية.

3 – إعادة العقارات إلى أصحابها والتي استملكت دون أي سند قانوني ولم تستخدم للغرض الذي استملكت من أجله.

أسئلة مشروعة

يصيبك الذهول مما يرويه لك أصحاب العقارات التي استملكت بالتحايل على القوانين وما يرويه لك عن فساد اللجان المشكلة، ويصيبك الخوف عن ذلك الحقد والضغينة نتيجة الشعور بالظلم والتي انتقلت من الأجداد إلى الأبناء إلى الأحفاد رغم مرور على بعضها عشرات السنين، وعلى ما يبدو كلما ازدادت أسعار العقارات في المنطقة المستملكة زاد شعورهم بالظلم وملأت الضغينة قلوبهم، ومن المعروف إن معظم العقارات المستملكة هي في المدن والريف المحيط بهذه المدن والتي شمله التوسع العمراني أو المشاريع المتنوعة، والأشخاص الذين مارسوا الفساد والاحتيال على المواطنين باسم القانون كانوا في موقع المسؤولية وذهبوا وانتسوا، لكن نتائج الشعور بالظلم سيدفع ثمنه النظام القائم سواء كان له علاقة أم لا.

تساءل أحد المواطنين: لماذا رفضت البلدية (منذ زمن) أن تبيعني عدة أمتار من عقار ملاصق لعقاري المتبقّي والذي شوهه التنظيم بحجة أن العقار الملاصق هو حديقة وهذه تعتبر رئة المدينة، وكتبوا على صفحة عقاري (يسوى مع الجوار) وبنفس الوقت الجوار خاضع للقانون 60، وعندما اشترى أحد المالكين عقاري بسعر بخس، سوته البلدية مع الجوار واقتطعت له من رئة المدينة وأقام برجية على العقار وحديقة أمامه؟.

مواطن آخر قارن بين عقارين بالمساحة نفسها، هو خسر عقاره بالتنظيم وبالكاد استفاد منه شيء وعقار جاره باعه بعشرات الملايين.

تساءل آخر: عندما يستملك عقار ما لجمعية سكنية، لماذا لا يعوض له بشقق تساوي قيمة عقاره؟ ولماذا لا يعوض الذي فقد عقاره من خلال ما تجبيه البلدية من ضرائب تحسين عقارات الآخرين؟.

المواطنون الذين أثلج صدورهم صدور المرسوم الجديد، وكلهم أمل بأن القوانين التي ستصدر ستنصفهم، ويحلمون بوطن ينصفهم كمواطنين متساوين أمام القانون المنصف والعادل.