إبداع بمحاسبة الفساد في الشركة العامة للفوسفات والمناجم بحمص
المهندس إبراهيم الأحمد المهندس إبراهيم الأحمد

إبداع بمحاسبة الفساد في الشركة العامة للفوسفات والمناجم بحمص

تجربة فذة تمارس في هذه الشركة في معالجة هذه الظاهرة حيث يتم البحث وبشكل حثيث عن كل من ثبت إهماله وعدم كفاءته في العمل ومن اوصت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بمعاقبتهم بحجب الترفيع وإبعاده عن منصبه الحالي وعدم تسليمه أي منصب قيادي أو إداري مستقبلاً، نعم هؤلاء فقط من يتسلم الآن ورغم كل ما تم ارتكابه من قبلهم كافة المناصب الإدارية الحساسة في الشركة، وذلك لهدف واحد ألا وهو تعميق نهج الفساد والتمادي إلى أبعد حد في هدر الأموال العامة وبمبالغ تتجاوز الـ/5/مليار ل.س وخلال فترة وجيزة فقط (خمس سنوات)!!

ترى هل نأخذ تجربة هذه الشركة في هذا المضمار ونعممها أم بات من الواجب وضع حد لهذه الفئة وإبعادهم خارج الشركة وإحالتهم إلى الجهات المختصة لمحاسبتهم واسترداد الأموال العامة المهدورة بسببهم.

تعتبر الشركة العامة للفوسفات والمناجم من أهم الشركات في القطر من حيث الأهمية الاقتصادية، تعمل على استخراج مادة الفوسفات الخام من مناجم سطحية في مناجم الشرقية وخنيفيس وبظروف استخراج سهلة وقليلة التكلفة، ويتم تسويق المنتج إلى الشركة العامة للأسمدة في حمص وإلى شركة سلعاتا اللبنانية إضافة إلى تصدير كميات أخرى إلى الأسواق الخارجية، ويتم استخراج مادة الفوسفات من المناجم المذكورة أعلاه بالاعتماد على القطاع الخاص بشكل أساسي حيث تتم عملية كشف الردم وترحيله إضافة إلى إنتاج كميات من الفوسفات المركز.

يجري ذلك كله رغم وجود أسطول هائل من الآليات الهندسية اللازمة لإنجاز كامل العملية الإنتاجية، تملك الشركة عشرات البلدوزرات والتركسات والدنابر والحفارات والبواكر... إلخ بما يكفي ويزيد لتحقيق كامل الخطط الإنتاجية دون الاعتماد على الغير، ولكن رغم كل ذلك فإن حصة هذه الآليات من تحقيق الخطط الإنتاجية الموضوعة لا تتجاوز الـ30 %.

تبرر الشركة ذلك بعدم وجود آليات جاهزة كافية لإنجاز المطلوب رغم صرف  مئات الملايين من الليرات والدولارات لشراء المزيد من الآليات والقطع التبديلية لها، لكن دون أي مردود ينعكس على تحسين الجاهزية، ويعود السبب في ذلك وبكل وضوح الأهمال والامبالاة وغياب المحاسبة والمتابعة لدى إدارة الشركة ممثلة بمديرها العام  وانتهاءً بكافةبجميع المدراء في هذه الشركة وليس من قبيل المصادفة توصيات متتالية من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش وبعدة قرارات تطالب جميعها بإبعاد هؤلاء المدراء عن مناصبهم الحالية وعدم تسليمهم أية مهام قيادية وإدارية مستقبلاً،  لكن هيهات لمن يستجيب؟؟؟

الجدير بالذكر القرارات ذوات الأرقام:

- القرار رقم 18/ 1060/ 4/ 4/ م.ع تاريخ 20/10/2008

- القرار رقم 4/ 49/ 34/ 4/ م.ت تاريخ 16/2/2010

- القرار رقم 4/ 1221/ 34/ 4 ت.خ تاريخ 31/8/2009

و كلها توصي بضرورة إبعاد كل من:

1) الجيولوجي عبد الرحمن البيريني – مستشار المدير العام حالياً للشؤون الفنية والإنتاجية – مدير عام الشركة سابقاً – معاون المدير العام  ومدير الإنتاج قبل ذلك – وأيضاً مديراً للشؤون الفنية ومعاون المدير العام للشركة.

2) السيد نجيب المرعي – المدير المالي، حيث صدر بحقه وخلال ثلاث سنوات فقط عقوبتان بحجب الترفيع صادرة عن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.

3) المهندس بسام إسماعيل – المدير الفني حالياً – مدير الشرقية سابقاً.

4) السيد مصطفى المفرج – مدير الموارد البشرية حالياً والمدير الإداري سابقاً، حيث تم إبعاده عن هذا المنصب بموجب نتائج التحقيقات التي قامت بها مديرية الرقابة في وزارة النفط على خلفية دوره في المسابقة  التي أجرتها الشركة في العام 2004، حيث ثبت تورطه في التزوير وتقاضي الرشاوى.

5) المهندس محمد الحمد – مدير الإنتاج الحالي – مدير الشرقية سابقاً، حيث تم إبعاده عن هذا العمل بموجب توصيات الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بقرارها رقم 4/ 49/ 34/ 4 م.ت تاريخ 16/2/2010

- أوصت تقارير الهيئة المشار إليها أعلاه (بفرض عقوبة حجب الترفيع للمشار إليهم وإبعادهم عن الأعمال المكلفين بها وعدم تسليمهم أية مهام قيادية وإدارية مستقبلية لما ثبت من عدم الاهتمام واللامبالاة في أداء المهام التي كلفوا بها  كما هو مبين في متن التقرير والمطالعة).

- تم إبلاغ مدير عام الشركة بضرورة تنفيذ توصيات الهيئة الواردة بقراراتها المشار إليها أعلاه وذلك بالمذكرة رقم 55/ ص.د تاريخ 22/5/2011 والمذكرة رقم 48/ ص.د تاريخ 5/5/2011 والمذكرة رقم 193/ ص.ت تاريخ 30/3/2011 وغيرها وغيرها. إلا أن الاستجابة كانت معكوسة، حيث تم إبعادنا   عن المديرية الفنية والتهديد بالنقل إلى خارج الشركة في حال تكرار كتابة  مثل هذه المذكرات؟؟!!

1. يضاف إلى ذلك ما ورد في جريدة البعث العدد /13803/ تاريخ 9/11/2009 والمتضمن العديد من الارتكابات من إدارة شركة الفوسفات والمتعلقة بالعديد من الآليات والأقشطة الناقلة والمعدات المستوردة من الخارج منذ أكثر من عشرين عاماً ولا تزال في العراء دون استخدام أو استثمار وغيرها الكثير حيث يجدر التذكير أيضاً بملحق العقد رقم 6/88 المبرم مع شركة تكنو إمبورت إكسبرس البلغارية والذي تم بموجب توريد معدات لتشغيل مجموعة مضخات غاطسة في حوض الصوانة /مديرية الشرقية/ عن طريق التحكم عن بعد /إشارات لاسلكية/ وحتى تاريخه لم يتم تحريك هذه المواد أو إخراجها من المستودع ولا نعرف مغزى توريد هذه المعدات وتخزينها في المستودعات لأكثر من عشرين عاماً.

إن الارتكابات المسجلة بحق مسؤولي شركة الفوسفات الحاليين تندرج ضمن ما يمكن اعتباره.. الجرائم الاقتصادية بحق الشركة والوطن، ويتضح ذلك من خلال دراسة بعض الأرقام والوثائق، المتعلقة بكمية الإنتاج وكمية المصدر ورصيد المستودعات من مادة الفوسفات، حيث يتبين من دراسة المجموعة الاحصائية للشركة للأعوام /2006 – 2010/ وحسب ما هو مبين في الجداول أدناه أن الفارق بين المنتج والمصدر في مديرية الشرقية فقط ولهذه الفترة يصل إلى قرابة الـ/1.5/ مليون طن فوسفات مركز، حيث أن الإنتاج الذي تقوم الشركة بتسويقه إلى الجهات الوصائية في الدولة هو إنتاج وهمي.

2. وقد كلف الشركة هدر كمية هائلة من الأموال حيث أن كلفة إنتاج الطن  من الفوسفات المركز (وسطياً) تقارب الـ2000 ل.س، ما يعني أن المبلغ الذي تم إنفاقه من الشركة مقابل هذا الإنتاج الوهمي يقارب الـ/3/ مليار ل.س ناهيك عن أن إنتاج كل طن من الفوسفات المركز في الشرقية يتطلب ترحيل ردميات بمعدل /2/ متر مكعب شبكي لكل طن، أي يفترض ترحيل ردم من المنجم بما يساوي/3/ ملايين متر مكعب شبكي لإنتاج هذه الكمية الوهمية من الفوسفات المذكورة أعلاه.

و يجدر التنويه هنا إلى ارتكابات أخرى في تزوير طريقة احتساب كلفة إنتاج الطن من الفوسفات المركز تتجلى في عدم الأخذ بعين الاعتبار ما يتم إنفاقه من الشركة من المليارات كأجور ورواتب وضمانات صحية وآليات خدمية وصرفيات أخرى لا تعد ولا تحصى، خصوصاً في شراء الآليات والقطع التبديلية وغيرها الكثير...

ذلك في سبيل إبراز أرباح غير حقيقية للشركة أي تخفيض كلفة الإنتاج للطن من الفوسفات بشكل متعمد وإبراز أرقام تدل أن الشركة رابحة..

إن الشركة رابحة ولا شك في ذلك لكن الرقم الحقيقي يتناقض تماماً مع واقع الأمر إذا تم الأخذ بعين الاعتبار النفقات الحقيقية التي تتكبدها الشركة لإنتاج الفوسفات وهنا مفارقة أخرى تشير إلى التزوير في حسابات الشركة وبالتالي لا بد من تدقيق حسابات الشركة خصوصاً فيما يتعلق بالكلف الحقيقية للإنتاج وبالتالي الأرباح الحقيقية للشركة وذلك من جهات رقابة مالية متخصصة، ونحن على ثقة من حصول مفاجآت صاعقة في وضع هذه الشركة ومدى تورط القائمين عليها في جميع أنواع الجرائم الاقتصادية بما فيها تزوير الحسابات.

لا بد من تكليف أجهزة الرقابة المالية في متابعة أعمال مديرية الحسابات وكشف الحقيقة.

ويضاف إلى ما تقدم:

- أي أنه واضافة إلى الـ/1.5/مليون طن فوسفات منتج وهمياً هناك /3/ملايين متر مكعب شبكي تم كشفها وترحيلها وهمياً أيضاً وهذا كلف الشركة انفاق أكثر من/150/مليون ل.س مقابل هذا الكشف الوهمي،  وذلك بحسب العقود المبرمة مع العديد من المتعهدين في القطاع الخاص لكشف وترحيل الردميات في الشرقية (وسطياً السعر هو /50/ ل.س للمتر المكعب شبكي) والمفارقة هنا أن كلفة كشف وترحيل الـ/1/ متر مكعب شبكي باستخدام آليات الشركة تتجاوز الـ/200/ ل.س ومن البديهي أن هذا يؤشر إلى مقدار الأهمال لهذه الشركة وكمية الأموال المهدورة دون تفسير أو محاسبة.

- الغريب في الأمر ما تقوم به إدارة شركة الفوسفات ضمن إطار معالجة  هذه الجرائم الاقتصادية الخطيرة والذي يتمثل في المحافظة على المسؤولين المباشرين عن هذه الجرائم في مناصب حساسة في الشركة، حيث يشغل مدير مناجم الشرقية السابق والمسؤول المباشر عن هذه الأموال المهدورة منصب المدير الفني الحالي للشركة والآخر يشغل منصب مدير الإنتاج الحالي للشركة، وذلك رغم تكرار المطالبات لمدير عام الشركة بضرورة إبعادهم ومحاسبتهم   واسترداد الأموال العامة والتي تقارب الـ/5/ مليار ل.س في خمس سنوات فقط وكأن شعار المرحلة الحالية في الدولة والذي كرسه السيد الرئيس في محاربة الفساد ومحاسبة  الفاسدين لا يخص إدارة شركة الفوسفات في شيء لا بل هناك إصرار واضح على تكريس الفساد وترقية الفاسدين إلى مناصب أعلى  وأكثر حساسية في الشركة.

- يجدر التذكير هنا أن ما ورد أعلاه يخص مديرية مناجم الشرقية ولخمس سنوات فقط وأن الخوض في المديريات /خنيفيس، طرطوس/ يوصلنا إلى نتائج مماثلة وبأرقام فلكية للأموال المهدورة.

- وفي ما يلي نورد نتائج دراسة المجموعات الإحصائية للشركة للأعوام 2006 – 2010 وفيما يتعلق بالفوارق بين المنتج والمصدر من الفوسفات المركز في الشرقية فقط وما يؤكده بالأرقام مقدار التزوير والارتكاب في هذه المديرية ومسؤوليتها إلى جانب الإدارة العامة في هدر هذا الكم الهائل من المال العام!

بعد تحويل المنتج الرطب إلى ما يعادله من الجاف، وذلك بحسم نسبة الرطوبة والمقدرة بـ 5 % للوصول إلى المعادل بنسبة رطوبة حوالي 2 % (أي جاف) نصل إلى ما يلي:

952141 × 5 % = 476070 طن

إجمالي الرطب المكافئ للجاف بعد حسم نسبة الرطوبة:

9521411 – 476070 = 9045341 طن

وبالإشارة إلى الملاحظة التي تتكرر في جميع اعداد المجموعات الإحصائية بقصد التمويه والتضليل حول عدم تطابق الأرقام بين المنتج والمصدر وفارق مخزون المدة، قمنا بتحويل المنتج الرطب إلى ما يعاد له من الجاف، حيث يتبين أن فارق الرطوبة للاعوام 2006 – 2010 هو (476070) طن ,

وبالتالي وعدم دقة هذه الملاحظة يبقى الفارق بين المنتج والمصدر إلى قرابة الـ(1) مليون طن فوسفات مركز.

3 - إن إصرار إدارة شركة الفوسفات المتابعة بذات النهج رغم تكرار التنبيه إلى خطورة ما يجري وما يرتكب مدراء هذه الشركة وغيرهم من مستويات وظيفية أدنى يطرح سؤالاً هاماً: ترى أين شركة الفوسفات وإدارتها من محاربة الفساد والفاسدين واختيار الإنسان المناسب في المكان المناسب، انسجاماً مع توجيهات السيد الرئيس وتعليمات الوزارة الجديدة بهذا الشأن؟!!.