في «بورصة» الأزمة.. سعر المنتج الوطني يفوق العالمي

في «بورصة» الأزمة.. سعر المنتج الوطني يفوق العالمي

موجة غلاء الأسعار غمرت مختلف قطاعات معيشة المواطنين، وبات ارتفاع أو انخفاض سعر بعض البضائع والمنتجات بعد 24 ساعة فقط أمراً مألوفاً، إلا أنه من غير المألوف أن «يصبح المنتج المحلي والمصنع في سورية، أغلى سعراً من المنتجات ذات الماركات العالمية وذات الأسماء التجارية المرموقة» بحسب البعض

ربما لم تكن الأزمة السورية سلبية في كل جوانبها، كونها أعادت أمجاد قيمة المنتج المحلي، فقد أدت إلى ارتفاع قيمة السلع المحلية وخاصة الالكترونية منها، حيث وصل سعرها إلى مستويات تجاوزت أسعار المنتجات المستوردة بعض الأحيان ، والتي كان سعرها عكس ذلك قبل الأزمة.

وفي جولة قامت بها صحيفة «قاسيون» على بعض معارض المنتجات الإلكترونية الوطنية (قطاع عام وخاص)، وصالات الماركات العالمية مثل «سامسونغ» و «ال جي»، تبين أن بعض الأدوات محلية الصنع «جزئياً» أي التي يتم تجميعها في سورية كالغسالات والأفران والبرادات، هي أغلى بكثير من الأدوات ذاتها، المصنعة والمستوردة من شركات رائدة في هذا المجال.

الوطني أغلى من المستورد

وقد وصل فارق السعر بين المحلي والمستورد للمنتج ذاته بعض الأحيان إلى أكثر من 15 الف، فعلى سبيل المثال كان سعر غسالة «وتار» سعة 7 كيلو حوالي 57 ألف ليرة، في حين كان سعر نظيرتها من ماركة «سامسونغ» 42 ألف ليرة سورية فقط، ووصل سعر براد «الحافظ» محلي الصنع بحجم 21 قدماً، إلى حوالي 83 ألف ليرة سورية، في حين كان سعر مثيله من ماركة «سانيو» اليابانية حوالي 72 ألف.

ولم تكن منتجات شركة «سيرونكس» بمعزل عن هذا الارتفاع، حيث وصل سعر الشاشة من قياس 32 بوصة و نوع LCD إلى ما يقارب الـ36 ألف ليرة، في حين لم يتجاوز سعر مثيلاتها من الماركات العالمية وبالمواصفات نفسها مثل «تريفيو» و«سامسونغ»، حد الـ32 ألف.

وبشكل عام، فإنه حتى هذه الأسعار المرتفعة للمنتجات المحلية كانت تقريبية فقط، حيث أكد أصحاب صالات العرض التي زارتها «قاسيون» بأنه من الممكن أن ترتفع الأسعار في اليوم التالي للزيارة بناء على سعر صرف الدولار في السوق السوداء و ليس رسمياً، رغم أن بعضها عبارة عن منتجات لشركات قطاع عام كـ «سيرونكس» على سبيل المثال لا الحصر.

تلاعب بالفواتير

وعن الأسباب الفعلية الكامنة وراء ارتفاع أسعار المنتجات المحلية وخاصة التابعة للقطاع العام بشكل يفوق نظيراتها من الماركات العالمية، قالت المديرة التجارية للمؤسسة العامة للصناعات الهندسية، «إيمان مقدم»  لصحيفة «قاسيون» إن «اجراءات الشراء بالنسبة للجهات الخاصة تتصف بالسهولة و المرونة مقارنة بالقطاع العام عدا عن كون فواتير استيراد هذا القطاع غير معروفة الأصل وقابلة للتلاعب بهدف تخفيف الرسوم الجمركية عليها ماقد يلعب دوراً هاماً في انخفاض سعر السلعة».

وبحسب حديث مقدم، فإنه  يدخل في تسعير سلعة القطاع العام،  تأمين مستلزمات الصناعة وتكلفة الصناعة، وأجور العاملين والاتصالات والمواصلات وخدمات ومصاريف أخرى،  قد يكون من بينها إيفاد المختصين إلى دول أخرى لدراسة العقود، ومصاريف الفترة الزمنية للدراسة، عدا عن هامش الربح المقرر،  وجميع هذه التكاليف تقسم على سعر الوحدة الواحدة المصنعة.

وأردفت إنه «لايمكن للقطاع العام التدخل في تكلفة المنتج أو تخفيض أجور العاملين فيه مثلاُ، في سبيل خفض سعر المنتج النهائي، وكل مايمكن فعله هو خفض هامش الربح قدر الإمكان» مشيرةً إلى أن «سيرونكس على سبيل المثال تبقى في النهاية شركة ذات طبيعة اقتصادية تهدف للربح».

 يكفينا استيراداً ولنعتمد على أنفسنا

 القطع التي تدخل في تصنيع المنتج المحلي مستوردة، وهي مكلفة أكثر من استيراد سلعة مصنعة بشكل نهائي، والقطاع الخاص يتمتع بأريحية في استيراد هذه القطع حتى لو تم تجميعها محلياً لتشكل سلعة معينة، كون الاستيراد من قبل القطاع العام يبقى مأسوراً بإجراءات معينة و روتينية قد تزيد من تكاليف المنتج النهائي.

وأضافت مقدم إن «المنتج المحلي يصنع بجودة عالية، ويؤمن للمستهلك خدمات عديدة بعد البيع منها الصيانة، وتوفير قطع التبديل، والكفالة و ما إلى ذلك» مشيرة إلى أنه» يكفينا استيراداً، فقد وصلنا إلى مرحلة يجب أن نعتمد بها على أنفسنا في التصنيع».

وعن آلية ضبط أسعار المنتجات الالكترونية الوطنية، قال مصدر في مديرية حماية المستهلك فضل عدم ذكر اسمه، إنه «لايمكن التدخل في خفض سعر المنتجات هذه من حماية المستهلك، وكل مايمكن فعله هو طلب فواتير متسلسلة عن المنتجات تتضمن فاتورة المصنع، وفاتورة المستورد، وفاتورة بائع الجملة، وفاتورة بائع التجزئة، وعليه تتم الدراسة بعد أخذ العينة».

حرية في التسعير

وأضاف المصدر إنه «لا يوجد أي قرار يلزم التاجر بوضع سعر محدد للسلع المحررة ومنها الأدوات الكهربائية التي تخضع للعرض والطلب والمنافسة، إلا أن السعر يراقب من قبل مديريات حماية المستهلك وتؤخذ عينات منها في حال الشكوى أو المخالفة وتحلل للوقوف على مدى مطابقتها للمواصفات القياسية المعلن عنها».

وأردف إن «الأدوات الكهربائية لا تخضع لقانون هوامش الربح، ومع ذلك فإنه يجب الإعلان عن أسعارها ووضع بطاقة بيان عليها، ويحق لحماية المستهلك في حال وجود شكاوى أو مخالفات وفقاً للقرار 495 لعام 2009 المطالبة ببيان التكلفة المحفوظ لدى البائع، فقد نص القرار هذا على إلزام كافة الفعاليات التجارية سواء كانت منتجة أو مستوردة بإعداد بيانات التكلفة والاحتفاظ بها، لمقارنتها في حال الضرورة مع السعر المعلن من قبلهم عند الشكاوى».