حلب .. بيوت من علب الكرتون والأقمشة البالية

في حلب، المدينة والريف، في ظل الخراب والدمار وفقدان الأمن والاستقرار، واستمرار الصراع المسلح، الأهالي يعانون الأمرّين من نقص حاد في المواد الأساسية الضرورية لحياته المعيشية اليومية وارتفاع أسعارها المسعورة في ظل غياب الرقابة في هذه المدينة المنكوبة، التي تعيش الآن كارثة مأساوية بكل أبعادها الإنسانية من اشتداد واستمرار حالة العنف الدامي وحالات النزوح والتهجير وتدمير للبنى التحية، وصولاً لمعاناة تأمين لقمة العيش.

للوقوف على حجم معاناة أهالي حلب سأذكر بعض الحالات الملموسة التي تتعلق بتفاصيل حياتهم اليومية القاسية:

ـــ الانقطاعات المتكررة للماء والتيار الكهربائي والاتصالات الأرضية والخليوية في أغلب المناطق، لعدة أيام، وعندما تأتي الكهرباء بعد طول انتظار تبدأ أجواء الفرح والابتهال بين الأهالي فرحاً بالإضاءة، إلا أنها لا تدوم إلا لساعة أو ساعتين.

ـــ الغلاء الجنوني الذي لا يطاق في ظل الارتفاع المسعور للأسعار: فمثلاً أصبحت مادة الغاز مادة أساسية في بورصة تجار الأزمة، التي تحدد حسب العرض والطلب. مؤخراً (الأسبوع الفائت) تراوح سعر اسطوانة الغاز بين 3000 ــــــ 4000 ليرة سورية.

في حين وصل سعر الكيلو ومائة غرام من مادة الخبز إلى 100 ل.س، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن ( العائلة المؤلفة وسطياً من خمسة أشخاص تحتاج لربطتين من الخبز ).

أما الخضار، فحدث ولا حرج، فثلاً وصل سعر الكيلو من البندورة لـ /125/ ل.س والخيار لـ /150/ ل.س، وسعر الكيلو من القرنبيط لـ /70/ ل.س. أما الفواكه واللحوم، فلا قدرة لأصحاب الدخل المحدود في شرائها البتة، فهي من المحرمات.

ـــ الكثير من الأهالي الذين نزحوا من مناطقهم، نزحوا عدة مرات من حي إلى آخر، ومع كل نزوح تبدأ رحلة العائلة النازحة في البحث عن منزل للإيجار، أقل أجرة لغرفة ومنافعها /10/ آلاف ليرة سورية في الشهر. وإذا دفعت العائلة النازحة سلفة ثلاثة شهور للمؤجر كشرط مسبق للتأجير، واضطرت فيما بعد للنزوح مرة أخرى إلى حي أخر لأسباب خارجة عن إرادتها، فليس لها الحق في استرداد قرش واحد من السلفة. مؤخراً انتشرت ظاهرة لجوء الأهالي إلى بناء خيام من بقايا علب الكرتون والأقمشة البالية بجوار الأحياء الراقية بحلب.

أمام هذه الأوضاع الكارثية التي تمر بها مدينة حلب، كل ما يطلبه الأهالي من الحكومة الحالية أن توجّه شيء من اهتمامها نحو حياة الناس المعيشية والأمنية، وضرب كل قوى الفساد والمفسدين بلا هوادة، ووقف هذه الحرب المجنونة التي أكلت الأخضر واليابس، والذهاب إلى مؤتمر الحوار من أجل الخروج الآمن من الأزمة.، فالوقت لم يعد في مصلحة أحد.