رسائل على البلوتوث.. عن الإصلاح
الإصلاح يوحّد ويفرّق.. معظم الناس والقوى السياسية يتحدثون الآن عن الإصلاح سلباً أو إيجاباً، تأييداً أو رفضاً قاطعاً.. البعض يؤكد على الإصلاح الحقيقي والجذري، مبيناً أنه لا سبيل لنا من الخروج من الأزمة إلا بالإصلاح المفضي إلى تغيير النظام.. والبعض يرفض فكرة الإصلاح من جذورها ويصر أن الإصلاح أصبح من الماضي ويمضي بشعاراته إلى أقصاها.. أما إعلام النظام فيكثر من الحديث عن الإصلاح بينما ممارسات بعض المحسوبين عليه تسير في الاتجاه المعاكس.
وهكذا أصبح الحوار المتباين الاتجاه والقناعات حول فكرة الإصلاح هو العنصر المشترك بين الحكومة والشعب وما بينهما.. لكن يبدو أن الشعار شيء والوصول إلى بعض فصوله شيء آخر.. لأن أبرز من يتبدى هنا كفاعل قوي حتى الآن هو المتشددون في النظام الذين يذكّروننا بقول غوار الطوشة في إحدى مسرحياته عندما راح يتحدث عن مبدأ العدالة و«الديمقراطية» والمشاركة صارخاً: «أنا أعطيكم الربع كله.. وبس بأخذ ثلاثة أرباع!!».
الأجور العرجاء.. والفساد الكبير
وما يشبه قصة الربع وثلاثة الأرباع هي قصة الرواتب والحد الأدنى للأجور وتلك الهوة العميقة بين الأجر والسعر.. فالحد الأدنى للأجور هو 9765 ليرة سورية، بينما متطلبات الأسرة السورية في حدها الأدنى حسب الحكومة السابقة، يقارب ثلاثين ألف ليرة سورية، فلنتصور جميعاً كتلة الرواتب المطلوبة من أجل الإصلاح الحقيقي والجذري؟! هذا عدا عن المحاكمات الاقتصادية المطلوبة لرموز الفساد الكبير والصغير أيضاً.. والمضحك المبكي أن تجد الوزير الفلاني والمسؤول العلاني ومن لف لفهم، وهم يتحدثون عن الإصلاح ومحاربة الفساد، ويعلمون بأن الصحفي أو أي مواطن مشاكس لا يحتاج الكثير من العناء حتى يرى بأم العين فساد وزارته من رأسها حتى أساسها.. وإذا كان الإصلاح هو كما يراه معاون وزير النقل كمثال فسنكون حتماً أمام كارثة إصلاحية!! فهذا المعاون تجرأ على دفع فواتير هاتف منزله البالغة 34414 ألف ليرة سورية بتاريخ 4/7/2011 على حساب الوزارة وبموافقة الوزير شخصياً..
الإصلاح والعطّار الفاسد
ولمن لا يعلم فإن هذا المعاون يشغل عدة مناصب أخرى إضافة لمنصبه كمعاون وزير النقل، فهل إصلاح شكلي كذلك الذي يريده متشددو النظام وفي ظل عقلياتهم والعقبات التي يفتعلونها يمكن أن ينقذ سورية؟ وهل يمكن للعطار الفاسد إصلاح ما أفسده الدهر؟ إنها قصة المسؤول الذي يدعي ركوب قطار الإصلاح وهو لا يريد إلا خلط الحابل بالنابل، والتخفي وراء الإصلاح مرة على الطريقة الغوارية، وأخرى على الطريقة التشاركية والاستثمارية والحكومة الإلكترونية، وذلك كله من أجل وضع المزيد من العصي في كل العجلات في سبيل تعميق الأزمة الوطنية السورية حتى الرمق الأخير، كي تضيع الطاسة ومعها المحاسبة..
لاشك أن الشعب وأوادم النظام يريدان الإصلاح الجذري.. لكن البلوتوث بينهما غير فعال، والتغطية سيئة، والحق على الطليان، والبادي أظلم..