ارتفاع سعر المحروقات بين الشائعة والخبر اليقين
أصدرت الحكومة السورية في شهر أيار الماضي قراراً بتخفيض سعر ليتر المازوت من 20 ليرة إلى 15 ليرة، وذلك بعد قيامها بتخفيض سعره في عام 2009 من 25 ليرة إلى 20 ليرة، فيما بقي سعر المازوت الأخضر (الذي يفترض أن يشغّل محركات النقل العام) على حاله، ويبلغ سعر الليتر الواحد منه 22 ليرة.
إلا أن مصدراً - فضل عدم ذكر اسمه - في شركة محروقات كشف عن مقترحات لرفع سعر المازوت أسوة بدول الجوار في محاولة للقضاء على ظاهرة التهريب، في الوقت الذي تعمل فيه اللجنة المكلفة من وزارات الاقتصاد والنفط والاتصالات والداخلية والنقل على وضع آلية مناسبة لتوزيع المحروقات لعام 2011، حيث من المتوقع اعتماد البطاقة الذكية لتوزيع دعم المازوت على الأسر السورية أو اعتماد رسائل الـSMS للمساعدة في ذلك، وفق آلية لم تتضح معالمها بعد.
وأضاف المصدر أن مسودة الاتفاق النهائي أشارت إلى رفع قيمة اللتر الواحد لمادة المازوت من 15 ليرة إلى 38 ليرة مقابل استمرار الحكومة في سياستها الداعمة للنفط، موضحاً أن الحكومة ستعود إلى اعتماد نظام القسائم وتوزيعها على الأسرة السورية لشراء ما كميته 1000 لتر مازوت بـ 15 ليرة للتر الواحد، إضافة إلى الاستمرار في دعم القطاع الخاص الصناعي بما لا يزيد عن 50 ألف ليرة سنوياً والإبقاء على خطة عمل مديرية صندوق دعم الإنتاج الزراعي، سواء لجهة المحاصيل الاستراتيجية أو الرئيسية.
أما فيما يخص قطاع النقل، فأشار المصدر إلى أن الوزارة المعنية لم تخلص لغايته إلى صيغة نهائية فيما يخص دعم هذا القطاع الخدمي الحيوي.
وكانت شائعات سرت بين السائقين حول ارتفاع سعر البنزين، جعلتهم لا يغادرون محطات الوقود حتى يعودوا إليها كلما نقص القليل من وقود خزان سياراتهم، ذلك بعد أن أخذ قرار استبدال الرسم السنوي للسيارات بالضريبة على الوقود حيزاً واسعاً من الوقت أثناء خضوعه للدراسات المتعددة في وزارة النقل ورئاسة مجلس الوزراء، وذلك لتتأكد من إمكانية التوصل إلى آلية تسهم بالتخلص من معاملة التجديد السنوي للمركبة وتحصيل الرسوم المترتبة من خلال إضافة مبلغ معين على كل لتر بنزين، وبالتالي يقوم المواطن بدفع هذا الرسم بشكل مجزأ كلما ملأ سيارته بالبنزين بحيث لا يحتاج للعودة إلى مديريات النقل من أجل التجديد السنوي، فالشائعة التي سادت الأيام الماضية أكدت بأن صدور القرار يلوح في الأفق، وهو ما دفع بعض السائقين وخاصة أصحاب السيارات العامة إلى ملئ خزانات الوقود بشكل يسهم بحسب تعبير (نزار عبد العزيز سائق أجرة) بتوفير ما يقدر بـ300 ليرة سورية في حال تم زيادة خمسة ليرات سورية لكل لتر.
كما أكد مدير نقل دمشق بأن ما تناقله الناس عن قرب صدور المرسوم برفع سعر لتر البنزين مقابل تحصيل الرسوم السنوية أمر صحيح، إلا أن موعد صدور القرار لم يحدد، وأن كلاً من وزارة النفط والثروة المعدنية والنقل والصناعة والزراعة والإصلاح الزراعي بدؤوا العمل بناءً على توجهات من رئيس مجلس الوزراء عادل سفر بوضع تصوراتهم لأشكال وأساليب الدعم الجديدة التي سيتم تقديمها للمواطن السوري، وذلك فيما يخص المحروقات وتحديداً مادة المازوت.
وبناءً على ما طرح، تقول وزارة النقل إن تطبيق هذا الإجراء سيساهم في تخفيف العبء على المواطن من خلال تسديده للرسوم دفعة واحدة، حيث يؤمن هذا النوع من الضرائب وفقاً لبعض المحللين الاقتصاديين نوعاً من العدالة الضريبية من خلال التعامل على مبدأ من يملك المركبة ذات المحرك الأكبر سيدفع ضريبة أكبر، ووفقاً لعينة من السائقين في العاصمة دمشق فإن 62% من السائقين لا يرون للقرار أي تأثير على التكلفة السنوية، كما شجع 24% من السائقين تطبيق القرار بشكل فوري كونه يخفف من هموم المبلغ الكبير الذي يتم دفعه سنوياً، بينما عارض 14% من المستطلعين مشروع القرار لما له من تأثير كبير وسلبي على السائقين الذين لا تقل مسافة سير مركباتهم عن 70 كم يومياً.
وقال المصدر في شركة محروقات: «تقوم اللجنة المكلفة بوضع آلية توزيع المحروقات بدراسة عدة مقترحات بهدف تحديد الأنسب لاعتماده، ومن المتوقع أن يتم استخدام البطاقة الذكية في توزيع الدعم على الأسر المستحقة».
وتعمل الحكومة السورية على دعم مادة المازوت، لما له أهمية في حياة المواطن اليومية، إضافة إلى أهميته في الصناعة والزراعة المحلية.
وأضاف: «تم الاعتماد سابقاً على نظام القسائم والشيكات لتنظيم دعم الأسر المستحقة، ولن يكون الأمر مختلفاً عما كان عليه عند استخدام البطاقة الذكية، لأن المواطن سيتمكن أيضاً من بيعها بالكامل أو بيع جزء منها، أي أن النظام الالكتروني لن يضبط استهلاك المادة، لكن ما قد يتحسن هو تخفيف إمكانية تلاعب أصحاب محطات الوقود بالمعيار»، ولفت في السياق إلى أن «وعي المواطن بضرورة الحفاظ على الكمية التي استحقها، هو الكفيل الوحيد لضمان حصول المستحقين على دعم المازوت، ودور محروقات هو تأمين المادة في المحطات».
إلا أن وزير الزراعة رياض حجاب نفى ما توارد من أنباء عن نية الحكومة رفع سعر ليتر المازوت ليصل إلى 38 ليرة سورية، قائلاً إنه: «لا يوجد شيء من هذا القبيل أبدا لدى الحكومة».
ونقلت تقارير إعلامية متطابقة عن الوزير نفيه ما تناقلته مواقع إلكترونية حول موضوع طلب رئيس الحكومة من وزراء الزراعة والنفط والنقل والصناعة البدء بدراسة دعم المازوت ووضع تصوراتهم لأشكال وأساليب الدعم الجديدة التي سيتم تقديمها للمواطن، مؤكداً نفي الموضوع جملة وتفصيلاً، وموضحاً أنه لا يوجد شيء من هذا القبيل أبداً لدى الحكومة.
وكانت مواقع الكترونية تناقلت أنباء تقول إن المسودة شبه المتفق عليها اقترحت سعر ليتر المازوت بـ 38 ليرة سورية، على أن يتم العودة لموضوع القسائم ويحق لكل أسرة 1000 ليتر بسعر 15 ليرة سورية. وكانت الحكومة اتبعت عام 2008 طريقة توزيع قسائم تتضمن 1000 ليتر مازوت بسعر مدعوم يبلغ 9 ليرات لليتر بهدف إيصال الدعم إلى مستحقيه، إلا أنها عمدت في عام 2009 إلى توزيع بدل نقدي لدعم مادة المازوت عن طريق صرف شيكات بقيمة 10 آلاف ليرة لكل أسرة، وفي عام 2010 لم تتبع الحكومة أية طريقة لدعم المازوت رغم أنه كان يباع بسعر 20 ليرة لليتر.
في السياق ذاته، لفت أمين عام مجلس الوزراء، تيسير الزعبي، أن هذا الموضوع قديم ويعود إلى الفترة التي قامت بها الحكومة بتخفيض سعر لتر المازوت إلى 15 ليرة سورية، وحينها طلبت الحكومة من الوزراء إعداد مؤشرات اقتصادية لاستخدامها كقاعدة بيانات لحصر الكميات التي تحتاجها مشاريع الزراعة وحصر المنشآت وحاجاتها في وزارة الصناعة، وكذلك حصر حاجات قطاع النقل، والاستهلاك المنزلي، وحينها طلب من الوزارات أن تكون هذه المؤشرات جاهزة، وكانت الحكومة قد شكلت لجنة لدراسة دعم المحروقات لقطاعات الزراعة والصناعة والنقل واللجنة مشكلة من معاون وزير الاقتصاد رئيساً.