جشع تجار الغوطة الشرقية في ظل الأزمة.. نموذج لغد أسوأ!
محمد هاني الحمصي محمد هاني الحمصي

جشع تجار الغوطة الشرقية في ظل الأزمة.. نموذج لغد أسوأ!

لاشك أن اشتعال الأزمة في العديد من مناطق الغوطة الشرقية في ريف دمشق، وانخفاض الأمن في الشوارع  والطرقات، إضافة إلى الإضرابات وإغلاق الكثير من المحلات التجارية والمطاعم، أدى إلى نقص كبير في معظم المواد والسلع الغذائية الهامة والرئيسية التي لاغنى للمواطن عنها، غير أن الغريب في هذه المناطق هو ما يقوم به البعض من ضعاف النفوس والانتهازيين وتجار الأزمات من سطوة وتحكم بقوت المواطنين البسطاء وسرقة لأموالهم واستهداف للقمة عيشهم، 

وذلك عن طريق قيامهم باستغلال الظروف المحيطة وتخزين بعض السلع والمواد الغذائية  واحتكارها بقصد طرحها بأسعار أعلى تصل إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف، مستغلين غياب الرقابة في هذه المناطق أو انعدامها في معظم الأحيان، ما يعني زج البلاد والعباد في أزمة اقتصادية طاحنة إضافة إلى الأزمة السياسية- الأمنية الحالية المستعصية.

يكاد إعصار الغلاء الناجم عن جشع التجار يشمل كل المواد المعيشية الرئيسية، ولاسيما الأكثر استهلاكاً في كثير من الأحيان مثل: الرز كان سعره 60 ليرة وأصبح وقت الأزمة 90، أما الفروج فمن 240 إلى 300 وقت الأزمة، واللبن من 35 إلى 50 وقت الأزمة، والغاز من 500 إلى 1700 في حال وجوده.. إضافةً إلى  ارتفاع سعر الكثير من الخضراوات إلى الضعف أو أكثر وغير ذلك من المواد الغذائية، والقائمة تطول، فالتاجر متأكد أن المواطن في ظل الظروف الراهنة سيخضع للأمر الواقع ويرضى بأية زيادة مرغماً على اقتناء مستلزماته بالرغم من صعوبة ذلك بالنظر لدخله البسيط والمحدود!

وفي هذا الموضوع يقول الموظف (هاشم): «إن جشع بعض التجار في مناطق الغوطة الشرقية قد أصبح مبالغاً فيه، حيث أن الكثير من السلع يحلق سعرها وفق الحالة الأمنية للمنطقة بطريقة هستيرية وجنونية، وبات المواطن في ظل موجة الغلاء الحاصلة يحتاج إلى ثلاثة أضعاف الراتب الذي أصبح لا يسد الرمق ولا يشبع طمع التجار البعيدين عن أية رقابة فعلية من الدولة، وهذا الأمر قد انعكس سلباً على الحياة الاجتماعية للعديد من المواطنين». يقول المواطن (أسامة): «بات من الصعب على المواطن تحمل الظروف الحالية وخاصة موجة الغلاء التي تصيب أسعار المواد الغذائية، فعلى الرغم من أني مرتبط بعملين إلا أن الدخل الشهري بالكاد يكفي لسد الحاجات الأساسية للمنزل والتي غالباً ما تسعر وفق مزاجية التجار الذين ما إن  تحصل مشكلة في المنطقة أو يتسرب إليهم خبر عدم توفر سلعة ما، حتى يسارعوا إلى احتكارها لوقت يعجز المواطن عن تأمينها، فيقوم التجار بطرحها بالسعر الذي يريدونه، كالسكر الذي نجده يباع بـ60 ليرة وقد يصل وقت الأزمات إلى 80 ليرة، وإذا أضربت عن الشراء، فإن التاجر يقول كلمة واحدة (ما بدك الله معك.. في غيرك يشتري)»..

آراء المواطنين تدفع إلى الاقتناع بأن أسعار المواد الاستهلاكية هي دائماً مغردة خارج القانون في بعض البقاليات والمحلات التجارية داخل الأماكن المحتقنة، وخاصةً منها تلك التي تعمل في ظل احتكار غير مخفي لعدد غير محدد من المواد الغذائية والسلع الهامة، فهي بعيدة عن الرقابة والسيطرة إطلاقاً، وذلك بسبب الحالة الأمنية القائمة والتي يأخذها الكثير من التجار كذريعة أساسية لوضع الأسعار المرتفعة، فالوضع الأمني الصعب في بعض المناطق أصبح يشكل بيئة اقتصادية مشوهةً ساعدت عديمي الضمير على خلق شبكة متوحشة من كبار التجار وصغارهم في تلك المناطق، والذين يرتبط معظمهم بالفاسدين من كبار التجار في العاصمة، ما يجعلهم يتحكمون بمفاصل الواقع الاقتصادي لسكان مناطق الريف فيتحولون إلى عصابة خفية عصية بعيدة عن متناول الرقابة  في معظم الفترات، فهم غالباً يقومون بتخزين المواد الغذائية والسلع الهامة للوقت الذي تكون فيه السلعة نادرة بسبب الظروف الأمنية والأزمة التي تمر بالبلاد، بغية تكديس الثروة على حساب قوت الفقراء ولقمة عيشهم.

وهذا ما يجعلنا نقول: إن غياب الرقابة وانعدامها في المناطق المحتدمة يساعد على وجود هذه الأشكال والإشكاليات في المجتمع وزيادتها، سيما أن المستفيدين من هذه الحالة يقفون على طرفي الصراع السياسي الحاصل في البلاد ليخدموا مصالحهم الشخصية بغض النظر عن مصلحة الشعب و الوطن.