أحداث بانياس... إما المصالحة الوطنية أو شفير الهاوية !
الجو الاجتماعي المسموم الذي أعقب حوادث بانياس ينذر بعواقب وخيمة إذا لم يجرِ تطويقه، والواقع أن هناك بالفعل يداً آثمة اعتدت على الجيش العربي السوري، ولكن ما رافق العمليات العسكرية ضد المسلحين المعتدين، من وقوع خسائر بشرية ومادية على مستوى مواطنين أبرياء، وقعوا بين طرفي كماشة، هو أمر غير مقبول بكل المقاييس الأخلاقية والسياسية، ولا يجوز تبريره تحت أي مسمى بدواعٍ وحجج «أمنية وعسكرية»
والحق يقال إن الجيش العربي السوري كان براءً من هذه الممارسات التي ارتكبها ما يسمى بقوات الدفاع الوطني «اللجان الشعبية» والتي عملياً طعنت الجيش العربي السوري مثلما طعنه في الوجه الاّخر، واعتدى عليه المسلحون التكفيريون الاّثمون.
ولذلك واليوم قبل غداً... لا حل لهذه «الأزمة العميقة» إلا بانطلاق الحل السياسي الشامل، والذي من أولى أولوياته العمل الجدي والسريع والفوري بمفردات المصالحة الوطنية من تشكيل لجنة جدية، لمحاسبة كل من أراق دماً سورياً بريئاً بغير وجه حق، وكل من اعتدى على الجيش والمواطنين الأبرياء وأقدم وشارك في عمليات السرقة والنهب الواسعة، وتدمير وإحراق للممتلكات، مع ضرورة التأكيد على أن يكون الجيش العربي السوري هو الجهة الشرعية الوحيدة الحاملة للسلاح، والذي يقوم بممارسة الدور الأمني «وبشكل أساسي تواجد الجيش حصراً على الحواجز» ، خاصة بعد أن كثر الحديث عن فساد الأجهزة الأمنية ودورها في تمرير السلاح والمسلحين ورفع الاحتقان في المنطقة عبر استفزازات غير مبررة أبداً..
كما يجب أن يكون ضمن عمل اللجنة أيضاً تعويض كل من تضرر من المواطنين والعمل على استعادة الثقة ورأب الصدع الاجتماعي مما سيهيىء لاحقاً لعودة العائلات التي نزحت من بانياس وريفها خوفاً على حياتها ودون ذلك فإن هذا التصدع الاجتماعي إذا ترك على حاله فسوف يمهّد الطريق بالتأكيد لوقوع حوادث ومشاكل أخرى أعقد في المستقبل، وهو الأمر الذي ما برحت قوى التدخل الخارجي تحضّره وتجهّزه مع أعوانهم من قوى الفساد في الداخل بغية منع السوريين من الوصول إلى حل سياسي يصون الوحدة الوطنية ويبقي سورية وطناً واحداً موحداً ....