الصراع في سورية يحرم آلاف الطلبة من حق التعليم
تدخل الأزمة السورية عامها الثالث وسط استمرار الصراع المسلح والعنف الدموي في معظم أرجاء البلاد، وفي ظل غياب الحل السياسي الواضح يزداد التدهور في الوضع الإنساني والاقتصادي والمعيشي للإنسان السوري مما ينعكس سلباً وبشكل واضح على قطاعي الصحة والتعليم، حيث تعتبر سورية من الدول المتميزة بهما عربياً قبل الغوص في وحول الأزمة
المدارس ليست بمنأى عن الصراع!!
خسرت البلاد خسائر كبيرة في قطاع التعليم خلال هذه الأزمة المستمرة، تجلّت في الخسارة الكبرى في البنية التحتية والبشرية، متمثلة بالخسائر الفادحة في الأبنية المدرسية، ونزوح الكادر التدريسي والطلاب، حيث أصبحت المدارس في الكثير من المناطق خاوية، فلا جرس يقرع ، ولا تلميذ يدرس، ولا معلم يأتي بعد أن علا صوت القذائف والرصاص على صوت الدراسة والعلم، فالاضطرابات والأحداث الساخنة الحاصلة في (الغوطة الشرقية) مثلاً أدت إلى إغلاق جميع المدارس، وأيضاً في مناطق (كفر بطنا ــ المليحة ــ جسرين ــ حمورية).
يقول «هشام»، أستاذ مادة اللغة العربية في ثانوية الغوطة الشرقية في كفر بطنا: «لم تكن المدارس في ريف دمشق بمنأى عن العمليات العسكرية والقصف المستمر، لذلك تجد أنها منذ منتصف العام الماضي قد أغلقت تقريباً جميعها عدا عن الدمار الذي أصاب بعضها كما حدث في مدرسة (سقبا) ، ناهيك عن غياب الطلاب وعدم حضورهم بسبب عملية النزوح المكثفة أو امتناع الأهالي عن إرسال أطفالهم إلى المدارس خوفاً عليهم من أية حوادث مفاجئة».
تدهور مستوى الطلاب
وتقول الآنسة «هدى» وهي محاسبة: «أنا مقيمة في التل، وإخوتي مازالوا يدرسون في المدارس، برأيي أن وضع المدارس السورية أصبح مزرياً بالعموم، وذلك لغياب الأمن والاطمئنان والانتظام بالدوام ، مما أدى إلى تدهور واضح في المستوى النفسي والدراسي للطلاب، لقد أصبح هناك استهتار واضح في معظم المدارس، حتى أن الكثير من المعلمين أصبحوا يتغيّبون عن الدوام بسبب الأزمة عدا عن أن الكثير منهم قد باع ضميره فتجدهم (عم يعطوا الحصة الدراسية رفع عتب) دون أي شرح أو رغبة».
في حين يقول الدكتور «حسن» بحسرة وألم: «إن المدارس في قدسيا ليست مغلقة بل ما زالت مفتوحة على رغم من الأزمة، غير أن معظم الأهالي هم من توقفوا عن إرسال أطفالهم إلى المدراس خوفاً عليهم من عمليات الخطف، وتنامي المشاعر العدائية بين المدرسين والطلاب. وقد ازدادت هذه العمليات في قدسيا حتى إني أصبحت الآن أخاف على ابني من الخطف أوالقتل برصاصة طائشة».
(2400) مدرسة متضررة
إن العنف المتصاعد في سورية والقتل والاختطاف أدى إلى غياب الطلاب وإغلاق معظم المدارس، وهذا ما أكدته «اليونسيف» في بيانها الصادر مع بداية العام 2013 ، يؤكد هذا البيان: أن «ما لا يقل عن (2400) مدرسة تعرضت لأضرار جزئية أو كلية، منها (772) مدرسة في إدلب، و (300) في حلب و (300) في درعا، وأنه تستخدم ما يزيد عن (1500) مدرسة لإيواء النازحين، وتستخدم بعض المدارس من قوات النظام والجماعات المسلحة».
وأشار البيان إلى «قتل ما يزيد على (110) مدرّسين وترك العديد منهم العمل وانخفض نسبة حضور المعلمين إلى 55% في القطر».
وهذا يعني حتى في المدارس الآمنة المكتظة بالطلاب وفي الفترة الأخيرة كان الطلاب يقضون أوقاتاً كبيرة دون وجود معلمين في الصف يضبطون أوضاعهم، أو يقضون أوقاتهم في الباحة المدرسية، بسبب النقص الواضح في الكادر التدريسي، وفي الكتب، حيث أن أغلب الطلاب في المدارس السورية أيضاً لم يحصلوا على الكتب المدرسية حتى هذه اللحظة، إضافة إلى الكثافة الطلابية ، حيث فرضت الأزمة نفسها على مدينة دمشق إذ ارتفعت الكثافة السكانية بشكل غير مسبوق وبأرقام مخيفة، نتيجة نزوح الكثير من العائلات من المناطق الساخنة، حيث أصبح الآن يتواجد في الصف الواحد قرابة الـ (55) طالباً أحياناً، بعد أن كان عدد الطلاب 35 كما هو الحال في مدرسة (ركن الدين).
المدارس تعاني... والتقاعس مستمر
هذا الازدحام خلق مشاكل جدية حتى في مدارس المناطق الهادئة، و«اُضطر» إلى استخدام العنف مع التلاميذ لعدم قدرتهم على ضبط هذا الكم في الشعبة الصفية الواحدة. يقول «أبو خالد» وهو مدرس في إحدى مدارس العاصمة: «من الصعب أن يتحمل المدرس مدة ست ساعات متواصلة النزاعات بين الطلاب، إضافة إلى مشكلة اختلاف البيئات الاجتماعية بين الطلاب وبالتالي سيضطر مجبراً لا بطلاً إلى استعمال أسلوب الضرب ولو لم يرد هو ذلك».
حقيقةً لقد كانت الظروف التي عاشتها معظم المدارس السورية صعبة جداً، وعلى الرغم من محاولات وزارة التربية، غير أن المدارس السورية بقيت تعاني من مشاكل عديدة مثل العدد الكبير لطلاب الصف الواحد في مدرسة معينة، والذي قد يصل أحياناً إلى 75 طالباً في الصف الواحد – فقدان الكتب الدراسية ــ عدم كفاءة الكادر التدريسية ــ وغيابه عن إعطاء الحصص الدرسية تأجيل الترميمات الضرورية في أبنية الكثير من المدارس بسبب التطور الخطير للصراع المسلح الدامي والنتائج الكارثية للأزمة الشاملة في البلاد وتقاعس الجهات المعنية عن القيام بمسؤوليتها تجاه المواطنين والوطن.