تدهور المعيشة يزيد العنوسة.. وحالات الطلاق!
ماهر عدنان فرج ماهر عدنان فرج

تدهور المعيشة يزيد العنوسة.. وحالات الطلاق!

كغيرها من الظروف الاجتماعية والثقافية، تعتبر الظروف الاقتصادية وانخفاض مستوى المعيشة أحد أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار ظاهرة العزوف عن الزواج وارتفاع معدلات العنوسة في المجتمع السوري، أو بأقل تقدير تأخر سن الزواج إلى أن يفوت القطار!.

وبطبيعة الحال يترتب على ذلك انتشار عدد من الظواهر السلبية والأمراض النفسية التي تؤثر سلباً على حياة المواطن وأسرته وبالتالي على المجتمع ككل، ولعل أبرز هذه الظواهر السلبية ناتجة عن العزوف عن الزواج وأكثرها خطورة على المجتمع هي ظاهرة الشذوذ الجنسي والعلاقات التي قد تتضمن الاتصال الجسدي دون خطة للانتهاء إلى الزواج، والتي بدأت تجد ثغرات تدخل منها إلى مجتمعنا بكثرة مؤخراً، حيث بات الشباب يجدون في العلاقات التي لا تنتهي للزواج بديلاً رخيص التكلفة يعوضهم ولو بشكل مؤقت عن الزواج، لاسيما وأن ملاهي الدعارة أخذت تنتشر بشكل ملحوظ في بلدنا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

المؤسف في الأمر أن إقبال الشباب على هذه الملاهي مستمر رغم ما قد تسببه لهم من أمراض معدية بعضها قاتل كمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، والذي يعتبر من أكثر الأمراض انتشاراً في الدول النامية التي اعتمدت سياسات اقتصادية فاشلة يغلب على معظمها الطابع الليبرالي.

إلا أن أكثر الظواهر السلبية الناتجة عن تدني مستوى المعيشة وضوحاً، والتي تكاد تكون أكثرها انتشاراً، هي ظاهرة العنوسة التي بدأت ملامحها تظهر بشكل واضح خصوصاً مع تسارع عجلة الحياة اليومية وتزايد مصاعب الحياة الاقتصادية نتيجة ارتفاع الأسعار المتزايد وعدم قدرة دخل المواطن على اللحاق بها، ما يجعل الشباب عاجزين عن تأمين أبسط متطلبات الزواج الكثيرة التي غالباً ما يفرضها أهل الفتاة على الشاب.

يقول المواطن (أ، ا) قد بلغت من العمر /40/ عاماً ولم أستطع بعد تأمين أبسط متطلبات الخطبة، فكيف لي أن أؤمن متطلبات الزواج وتحمل نفقات الحياة اليومية إذا كان راتبي في القطاع الخاص غير قادر على سداد نفقاتي الشخصية؟ علماً أن البقية الباقية من راتب كل شهر هي صفر.

ولم يقتصر تأثير انخفاض مستوى الدخل على الفرد قبل الزواج بل تعدى تأثيره إلى من تدارك نفسه وأقدم على الزواج متحدياً كل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تلقي بظلالها يومياً على الحياة الأسرية، حيث أثبتت معظم حالات الطلاق التي حصلت بين الأزواج حديثي العهد والذين عجزوا عن الاستمرار في حياتهم الزوجية، أن السبب الرئيسي يرجع للظروف الاقتصادية، وعدم قدرة كل من الزوجين على تأمين أبسط متطلبات الحياة اليومية نتيجة انخفاض مستوى الدخل مقابل التزايد السريع بأسعار المواد الغذائية الأساسية والمتطلبات الأساسية الأخرى التي تحتاجها كل أسرة.. الأمر الذي أكده أحد الأشخاص الذين تفككت أسرتهم نتيجة للظروف الاقتصادية، حيث يقول (ف. ك) إنه انفصل عن زوجته التي عجز معها- رغم أنها تعمل أيضاً- عن تحمل الأعباء المعيشية القاسية، فحكمت عليهم الظروف الاقتصادية الصعبة والإمكانات المادية المحدودة بالعيش في أسرة ممزقة.

ويتابع أنا وأسرتي صورة مصغرة عن الكثير من حالات الزواج التي انتهت بسبب عجز كل من الزوجين عن مواجهة ظروف الحياة اليومية القاسية نتيجة انخفاض مستوى الدخل وعجزه في مواجهة سيول الغلاء المتزايدة جراء القرارات الاقتصادية غير المدروسة والجائرة التي ينتهجها المعنيون في وزارتي الاقتصاد والمالية والتي لا تصب إلا في مصلحة رؤوس الأموال وحيتان التجارة الذين بنوا إمبراطورياتهم المالية على حساب المواطن البسيط وأسرته.

على ما يبدو أن مجرد التفكير في الأقدام على الزواج في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة وانخفاض مستوى الدخل الفرد والارتفاع المتزايد في الأسعار، باتت نوعاً من الأنانية، فأن يتجرأ المواطن على التفكير بالزواج يعني أنه يطلق حكماً مسبقاً على أسرته بنهاية معروفة، وعلى أولاده الذين سيولدون محرومين من أبسط حقوقهم الأساسية في العيش بظروف صعبة اقتصادياً وأسرياً، هذه الظروف التي بات التغلب عليها حلماً صعب المنال ستؤدي حتماً إلى نهاية واحدة وهي الطلاق.