واقع الخدمات خلال الأزمة: «مو عاجبك.. روح اشتكي»!
«مو عاجبك روح اشتكي»، عبارة أصبح يرددها كثير من الناس في هذه الأيام على اختلاف مشاربهم وأطيافهم وأجناسهم وثقافتهم، غير مهتمين بالنظام أو القانون متناسين الدولة والتشريعات، مستغلين ما أصاب البلاد من تشتت وضياع سياسي وانضباطي وفلتان أمني في سبيل القضاء على الإرهاب والإرهابيين، وإقامة مشاريع الإصلاح والتطوير، فجاءت النتائج سلبية ومعاكسة على جميع الأصعدة وفي مختلف المجلات والأماكن والأسواق!.
إنها من الصور الشائعة التي اختارتها جريدة «قاسيون» لتسلط عليها الضوء وعلى ما يجري في الأسواق والمناطق التجارية والدوائر الحكومية والمحلات..
يقول الصحفي فراس: «مررت منذ أسبوع في سوق النصابين، أو سوق الحرامية، فوجدت والبسطات على اليمين والشمال، والأسعار مشجعة فعلاً، وهذا ما دفعني للتجريب والشراء فاشتريت فلاشة تخزين كومبيوتر كنت أحتاج إليها في عملي، وقبل أن أدفع للبائع ثمنها سألته في حال كانت الفلاشة لا تعمل فهل بإمكاني استبدالها، فقال لي (بدل على كيفك البضاعة كلها مكفولة)، وبعد حوالي نصف ساعة عدت وأخبرته بأن الفلاشة لم تعمل فكان منه أن صرخ بوجهي وقال لي (أنا شو بدي أعملك هي الشرطة روح اشتكي)».
وفي صورة أخرى يقول الشاب عمار: «إن مايحدث في الدوائر الحكومية هذه الأيام هو إهمال وليس إصلاحاً، فخطوط الهاتف في حي (الحاد ور) بكفر بطنا مقطوعة منذ حوالي الشهر، وعند استفساري عن الموضوع في مقسم زملكا قال لي الموظف إن هناك خللاً في العلبة الرئيسة، (روح اشتكي للإدارة)، وسوف يتم إصلاح العطل خلال يومين، وهاقد مر أسبوعان قدمت فيهما أربع شكاوى، ولكن لا جديد».
ويقول هاشم: «في فترة الانقطاع الشديد للغاز وحاجة الناس الملحة للحصول عليه، لم يبق هنالك حل سوى التاجر (ص)، فهو الذي يقوم بتخزين الغاز بكميات كبيرة ويبيع الأسطوانة بـ1300 ليرة، وعندما اشتدت الحاجة ذهبت إليه وقلت له (يعني الشغلة استغلال؟) فما كان منه إلا أن قال لي و(أنا كمان بدي اربح.. ما عجبك لا تشتري.. وإذا بدك روح أشتكي هاي الشرطة والتموين عندك)».
يقول نور وهو شاب مقيم في سقبا بريف دمشق: «أعمل موظفاً لدى شركة تجارية بمدينة دمشق، غير أن معظم ميكروباصات (كفر بطنا- سقبا- حمورية- جسرين) قد أوجدت خط سير جديد خاص بها على الزبلطاني، وقلة قليلة هم من يكملون الطريق باتجاه المدينة وازدحامها، وعندما تطالب السائق بإكمال الطريق والذهاب إلى العاصمة يقول (هادا آخر الخط.. ما عجبك هاي الشرطة والمرور؛ روح اشتكي).. ويضاف إلى ذلك وجود بعض السائقين الذين أصبحوا يطالبون الركاب بدفع أجرة مضاعفة، فترى السائق يطالب الركاب بدفع 10 ليرات كأجرة ركوب موقف وموقفين مثل (كفربطنا- سقبا)، والمعروف أن الأجرة داخل الضواحي 5 ليرات، بينما العشر ليرات هي أجر الطريق بالكامل، ووقت تطالب بالباقي يعصب ويقول (المازوت غالي وهادا حقي.. ما عجبك روح اشتكي).
وفي صورة أخرى يقول السمان (أبو طارق): «منذ يومين حدث أمام فرن الدباغات خلاف بشأن وزن الخبز والعامل الذي يتلاعب بالأوزان ويغش بكمية الخبز المباع، ما دفع أحد المواطنين إلى الشجار معه فضرب العامل المواطن، فما كان من المواطن إلا أن ذهب إلى الأمن وقص عليهم القصة، وببساطة هنا قام رجال الأمن واعتقلوا المواطن وعامل المخبز بداعي إثارة الشغب في المنطقة».
هذه صور عن الوضع المزري الحاصل والتجاهل للقوانين المرعية المتغلغل في أوساط المجتمع والأسواق والدوائر الحكومية والمتاجر والمحلات... وهي الأوساط التي أصبحت السلطات بالنسبة لها مجرد جهاز ضعيف فاقد للسيطرة، عاجز عن ضبط الأسواق ومعاقبة المخالفين وإحالتهم للقضاء، أولا يرغب في ذلك ولا يملك سوى الوعود البراقة دون وجود أية نية حقيقية من أجل التنفيذ!.
هذا إن دل على شيء إنما يدل على تراجع هيبة جهاز الدولة أمام شرائح واسعة في المجتمع، على الرغم من استخدام الأساليب القمعية، ما يؤكد أن القمع وحده لا يستطيع ضبط المجتمع بل يزيد الهوة بين المجتمع والدولة.. فالى إين ستصل الأمور؟!.