الجزء الثالث والأخير من مسلسل المخالفات في شركة الوسيم عروض مشبوهة، وتوزيع علامات، لاختيار البطل، ومنافسين وهميين!
تناولنا في «قاسيون» في العددين السابقين مادتين عرضتا لنماذج من المناقصات في شركة وسيم للألبسة، في الجزء الثالث والأخير من سلسلة تلك التجاوزات التي كانت بمجملها على حساب المنتج الوطني، سنتعرض لنموذج آخر من المناقصات المشبوهة..
لا بأس في أن يتعرض أي موظف في أحد قطاعات الدولة لـ«البهدلة» مقابل الاستحواذ على شرف نيل مرتبة عضو لجنة فنية لفض العروض وثم الفوز بالمناقصة مناصفة مع التاجر المقدم على شروط المناقصة، وبأسعار فلكية مقارنة مع بقية العارضين، ومع أسعار المواد الحقيقية بالأسواق، وينال بقدرة الفاسدين عضوية البطل في اللجنة وهو أحد العارضين،ليصل به الأمر إلى اتهام بقية أعضاء اللجنة الفنية تحت حجة أنهم غير مؤهلين فنياً لتقييم التجهيزات موضوع المناقصة، وأيضاً الاعتراض ورفض العديد من العروض وبنود المناقصة، وتوزيع العلامات المنافسة لعرض البطل بطريقة مخالفة للقوانين النافذة لكي ينال عرض البطل حوالي عشر علامات زيادة عن بقية العروض المنافسة والمطابقة تماماً لدفترالشروط، وذلك بمنح كل الميزات التي تقدم بها علامات إضافية و إهمال ميزات العروض الأخرى فمثلاً:
العقد رقم 8 تاريخ 17/3/2010 لتوريد اتكيت ترقيم حراري والمبرم مع المتعهد (ب.ا) حيث كانت القيمة الإجمالية للعقد 37500000 اتكتية × 6 ق.س = 2250000 ل.س، المباشر بالكتاب رقم 862 اعتباراً من 17/3/ بمدة تنفيذ 60 يوماً أي لغاية 15/5.
من خلال البحث في حيثيات العقد من اللجان المشرفة تم تسجيل الملاحظات التالية على العقد:
تم طلب المادة بناء على مذكرة أمين المستودع المؤرخة بـ 11/2/2010 حيث ذكر فيها أن الرصيد يساوي أربعة ملايين ليرة سورية، ثم جاء وعلى نفس المذكرة وبحاشية كل من المدير المالي، والمدير التجاري، ومدير الإنتاج المطالبة بطلب 25 مليوناً، ومن الملاحظ في دفتر الشروط وجود شطب، وماسح أبيض على كمية الطلب لتصبح 50 مليوناً أي ضعفالرقم الحقيقي لكمية الإعلان وقد تم تمرير ذلك على هذا الأساس؟!.
أكد الجهاز المركزي تحفظه على التعديل الحاصل على كمية طلب الشراء من 25 مليوناً إلى 50 مليوناً لحين موافاتهم بالجهة التي قامت بالتعديل، سيما وأن هذه المادة كما سنوضح لاحقاً لم تستهلك إلا جزءاً ضئيلاً منها، وعلى مسؤوليتها في فارق الكمية المعدلة في حال عدم وجود مبرر قانوني لذلك.
لوحظ أن كمية الإعلان هي 50 مليون لصاقة بينما كانت كمية التعاقد 37500000 لصاقة، أي أن كمية العقد وردت بعد التخفيض بـ25% حسب محضر اللجنة الإدارية بالجلسة رقم 6/2010، وهذا مخالف لمادة 62/أ من القانون51 لعام 2004، والتي أجازت لآمر الصرف زيادة الكميات المتعاقد عليها أو إنقاصها خلال مدة التنفيذ لا أن يتم التخفيض عندإبرام العقد.
كما يتحفظ الجهاز المركزي على مخالفة المادة 62/أ من القانون 51 لعام 2004، مؤكدين على التقيد، وعلى مسؤولية اللجنة الإدارية لمخالفة دفتر الشروط.
في استلام المادة: يقول التقرير تم استلام المادة بموجب محضر استلام رقم 1 بتاريخ 16/6/2010 لكامل الكمية العقد البالغة 37500000 لصاقة، وأن المادة مطابقة للمواصفات بعد أن أخذ عينات عشوائية منها، وتجريبها على آلة الترقيم الحراري، واقترحت اللجنة أخذ تعهد من المورد بتبديل أي عيب غير منظور يظهر أثناء التشغيل، وتم المطلوب بموجبالكتاب المسجل تحت رقم 1946 تاريخ 27/6/2010، مشروط التبديل بشروط تخزين مناسبة، وأدخلت المادة بموجب ضبط استلام تحت الرقم 280 تاريخ 1/6/2010، وأثناء التشغيل وبناء على مذكرات بعض الأقسام الإنتاجية وغير الإنتاجية، بينت تلك الأقسام أن المادة الموردة غير مطابقة للمواصفات، وتعاني الكثير من العيوب، وهذه المذكرات هي كمامبين أدناه تأكيد على عدم الصلاحية وهي:
أولاً: مذكرة قسم القص رقمها 1273 تاريخ 3/10 مفادها أن اللصاقة سيئة، وغير قابلة للطباعة بسبب لمعانها الشديد، مذكرة دائرة الصيانة (المدير الفني) رقمها 670 تاريخ 3/10 مفادها عدم صلاحية اللصاقة، والاختلاف الجذري عن اللصاقات الموجودة بالشركة من حيث الملمس والقساوة، مما يؤدي إلى تجميع الكركر.
ثانياً: مذكرة الرقابة الداخلية رقمها 1661 تاريخ 4/10 مفادها عدم الصلاحية، ونسبة الهدر أكثر من 30%، وبناء على ذلك اجتمعت لجنة الاستلام بمحضرها بالمذكرة رقم 2349 تاريخ 4/10/2010، وطلبت من الإدارة إعلام المورد بالحضور ليتم إعادة النظر بهذه المادة، بحضور الفنيين، كما تم الطلب من المورد الحضور بالكتاب تحت الرقم 2576 تاريخ7/10/2010، حيث تم تنظيم محضر اجتماع بتاريخ 13/10/2010، بحضور المتعهد ولجنة الاستلام، والعديد من الفنيين بالشركة، حيث تم الاتفاق على وجود هدر إثناء التشغيل، ومراقبة التشغيل للمادة المذكورة من تاريخه ولغاية 17/10/2010، لتحديد نسبة الهدر الفعلية لتغريم المتعهد من أجل ضمان حق الشركة، وبتاريخ 19/10 تم الاجتماع أيضاً معالمتعهد بحضور لجنة الاستلام، والعديد من الفنيين بعد أن تم مراقبة التشغيل من جميع المجتمعين ولمدة أسبوع، حيث تبين وجود هدر بزمن العمل، وهدر باللصاقة، وأقر المجتمعون الطلب من المورد تعويض الشركة عن الهدر المذكور بتوريد أربعة مليون لصاقة خلال ثلاثة أشهر من تاريخه، وبتاريخ 30/10/2010 قام المتعهد بتوريد عينة المادة المطلوبةلتجريبها واعتمادها أساساً لتوريد كمية أربعة مليون لصاقة حيث تم تجربتها من لجنة الاستلام الفنية وتبين لهم أنها جيدة.
وبتاريخ 13/12/2010، اجتمعت لجنة الاستلام مع العديد من الفنية، واطلعت على الكمية الموردة والبالغة أربعة ملايين لصاقة وتجربتها على آلة الترقيم، إذ تبين لهم أنها جيدة وقررت استلامها، وأدخلت بموجب ضبط استلام رقم 569 تاريخ 15/12/2010، مجاناً. ومن خلال المذكرات الإنتاجية المشار إليها أعلاه، والتي بينت أن المادة الموردة غير مطابقةللمواصفات أن نسبة الهدر تتجاوز 30%، ومن خلال محاضر لجنة استلام وبحضور الفنيين، والتي بينت وجود هدر باللصاقة، حيث اقترحت بتوريد أربعة ملايين لصاقة، والتزام المتعهد بذلك يتضح بأن المادة الموردة مخالفة للمواصفات الفنية، ومع ذلك تم قبولها من لجنة الاستلام بمحضرها رقم 1 والمحاضر اللاحقة بحضور الفنيين، لذا فإن الجهاز المركزييتحفظ على كامل كميات العقد والبالغة 37500000 لصاقه وقيمتها 2250000 ل.س لمخالفتها فنياً، وعدم صلاحيتها وقابليتها للطباعة، ولاختلافها الجذري عن اللصاقات الموجودة بالشركة وفقاً لمذكرات الأقسام الإنتاجية المشار إليها أعلاه، ولحين موافاتهم، بتقرير من مدير الإنتاج والفنيين يفيد صلاحية المادة، وعدم تخزينها لفترات طويلة. كما يتحفظ الجهازالمركزي على الكمية الكبيرة من رصيد المادة، بالمقارنة مع وسطي الاستهلاك الشهري مع تحفظنا على هذه المادة وفقاً لما ورد بالفقرة (ج) أعلاه.
الغريب في الأمر أن جميع اللجان المشاركة في كتابة المحاضر والتقارير الخاصة بالمناقصة، لم تكلف خاطرها بفض العروض المشبوهة على الرغم من إثبات ذلك، ما يؤكد على ضرورة مراقبة عقود الجهات العامة، ومراسلة جميع العارضين للاستفسار عن عروضهم وإعطائهم الوقت الكافي للتعديل بما يضمن تكافؤ الفرص قبل أن تحصل كل هذهالتجاوزات.
والأهم ما هو المبرر لقبول هذه الكميات المخالفة لدفتر الشروط والتي لا تستخدم لهذا النوع من الأقمشة؟ فالحكومة تصرف مئات الملايين على الدعاية لأجل تسويق المنتج، بينما المواصفات تذهب بجرة فساد، واللافت للانتباه التعتيم المطلق على نتائج هذه المناقصات.
أخيراً، إن الكرة الآن في ملعب اللجان المالية ولجان الاستلام، واتحاد نقابات العمال باعتبار أن بعض أعضاء اللجان هم أعضاء اللجان النقابية في تلك الشركات، فهل ستطبق القوانين الرسمية النافذة لمحاسبة المسيئين والفاسدين، أم أن القوانين الدارجة ستفعل فعلها؟!.