صحة دير الزور.. تلزمها الصحة!

صحة دير الزور.. تلزمها الصحة!

إن أعظم ثروة وطنية هي بلا منازع الإنسان، إذ لا شيء يعادل قطرة دم واحدة من دمائه، وهذا المعيار متبع فقط للأسف عند الذين يعرفون قيمة الإنسان وقداسته، أما عند الذين يتعامون عن هذه الحقيقة، وخاصةً أولئك الذين قدر لهم أن يكونوا في مراكز صنع القرار، فإن الإنسان عند بعضهم لا يساوي شيئاً..

أمام هذه الحقيقة الأبدية، نتوقف مرة أخرى عند قسم غسيل الكلية في مشفى البوكمال، والذي سبق أن تناولت «قاسيون» الحديث عن احتياجاته ومعاناة مرضاه والعاملين فيه من الفنيين والممرضين على حد سواء. هذه المعاناة الناتجة بكل تأكيد عن إهمال مديرية صحة دير الزور لهذا القسم بشكل خاص، ولمشفى البوكمال بشكل عام، فإذا كان منذ أقل من شهر هناك خمسة أجهزة لغسيل الكلى تعمل من أصل أحد عشر جهازاً، فالآن جميع الأجهزة تكاد تكون معطلة، إضافة إلى الجهازين اللذين تمت استعادتهما من مشفى عائشة الخيري بالبوكمال، ليصل الأمر من شدة المعاناة إلى أن يقول عدد من المرضى حرفياً: (فليسمحوا لنا بإصلاحها على نفقاتنا الخاصة، ونحن مستعدون لذلك الآن قبل الغد)!.. مريض آخر من أهالي ناحية هجين، والتي تبعد عن البوكمال بما لايزيد عن 35كم أو أقل، قال: كنا أكثر من 15 مريض كلى من ناحية هجين، نأتي كلنا إلى مشفى البوكمال، ما يشكل ضغطاً على هذا المشفى، طالبنا بأن يتم تركيب أحد أجهزة الغسيل في مشفى الناحية ولم يتحقق ذلك، وعندما تقصينا عن الأمر جاءنا الجواب أن مدير الصحة لا يوافق على ذلك.

مريض آخر من هجين قال: «أخشى أن تكون الصناديق الكرتونية الموجودة في مشفى هجين هي صناديق فارغة دون أجهزة»، إلى هذا الحد وصل انعدام الثقة بين المواطن ومدير صحة دير الزور، وما يزيد الطين بلة عدم توفر دواء (الأبونين) الذي يرفع الخضاب عند المريض، ما يضطر المواطن لشرائها من الصيدليات بمبلغ يصل أحياناً إلى /1300/ ليرة.

أما معاناة العاملين في هذا القسم فتأتي من تعطل الأجهزة، حيث تتكرر الأعطال نفسها لجميع الأجهزة التي يفترض أنها موضوعة بالخدمة وتفي بالغرض، إضافة إلى ورود بودرة البيكربونات التي كانت تأتي على شكل عبوات بلاستيكية تركب على الجهاز مباشرة ولكل مريض عبوة، الآن أصبحت تأتي معلبة بعلب بلاستيكية (بيدونات) لا يمكن تركيبها على الأجهزة، ما يجعل الممرض أو الممرضة يقوم بالتعبئة من هذه البيدونات بيديه، وهذا يساعد على انتقال الجراثيم والفيروسات من مريض إلى آخر. فما السر وراء شراء مثل هذه العبوات الكبيرة؟ العلم عند مديرية الصحة حسب قول العاملين.

بالعودة إلى تعطل الأجهزة وعدم إصلاحها، فإن الذريعة دائماً تكون أن مديرية صحة دير الزور لم توقع عقداً مع شركة الإصلاح لصيانة مثل هذه الأجهزة.. فلماذا؟ يبدو أن السياسة المتبعة في هذه المديرية تسير وفق مقولة (دعه يفشل دعه يمت).. وهذا يعد شكلاً من أشكال التخريب من الداخل، وما أدراك ما هو التخريب الداخلي في هذه الظروف بشكل خاص؟!.

أما بالنسبة لقسم التصوير الطبقي فحدث ولا حرج، فالمادة الظليلة غير متوفرة، وهذا ما يحتاجه المريض قبل أن تجرى له عملية التصوير، فلابد من حقنه بهذه المادة، ناهيك عن عطل جهاز التحميض الذي أرسل إلى دمشق للإصلاح مرات عديدة دون جدوى، بالرغم من وجود عقد مع إحدى الشركات بقيمة مليوني ليرة لصيانته، ولكن لم تقم هذه الشركة بالصيانة الفعلية لهذا الجهاز المهم، لماذا؟!.

وكما هو معروف، ومنذ شهر آذار الماضي، ورغم المطالبة المتكررة التي كان آخرها الفاكس المرسل إلى مدير الصحة مؤخراً بغية تأمين علاج العامل الثامن الخاص بمرضى الناعور، يبدو أنه لا حياة لمن تنادي، فحتى إذا ما توفرت هذه المادة في يوم ما فإنها تكون قليلة ومن عيار 250، في حين يجب أن يكون العيار 2000، وهذا هو احتياج مرضى الناعور في البوكمال الذي أصبح يتزايد بحكم العامل الوراثي.

لابد من التساؤل هنا: لماذا لا يتم افتتاح قسم الجراحة النسائية بعد الانتهاء من أعمال الصيانة في هذا القسم؟

ونسأل مدير صحة دير الزور: كم عدد الزيارات التي قام بها إلى مشفى البوكمال للوقوف على واقع الحال ومعرفة احتياجات هذا المشفى ومعاناة مرضاه؟!.

يكاد عدد الزيارات التي يقوم بها وزير الصحة للمشافي في القطر أن يعادل عدد الأيام التي قضاها مدير صحة ديرالزور منذ تنصيبه، وهنا نطالب وزير الصحة بوقف هذه المهزلة والقيام بزيارة المشفى، فلا أحد فوق القانون ولا أحد فوق مصلحة الوطن والمواطن كائناً من يكون.