الفساد وحرفيو السويداء
الحرفيون والورشات واليد العاملة في المنطقة الصناعية في مدينة السويداء يعانون الأمرين في نضالهم للبقاء خارج جيوش العاطلين عن العمل، فهم لم يكتووا بنار العنف والجنون كما في بعض المحافظات، لكن نيران تجّار الأزمات سماسرة الربح المتعاظم تصيبهم وتحرق في قلوبهم
فالجميع يعلم بوضوح التواطؤ بين التجار الكبار وبين الفساد الكبير في جهاز الدولة، وإلا كيف نفهم أن الدولة تسمح حتى اليوم وفي ظل أزمة وطنية خطيرة باحتكار كهذه استيراد المواد الصناعية الأولية والتحكم بأسعارها، ليحقق أولئك الحيتان دوماً معدلات ربح فلكية وفق تغيرات سعر صرف الدولار، وذلك طبعاً عبر حلقات الفساد الممتدة من مصرف سورية المركزي وحتى مراكز الصيرفة، ورغم وجود بدائل كثيرة فيما يتعلق بالاستيراد منها ما يمكن للدولة أن تديرها ومنها من القطاع الخاص الذي يقدم بدائل وطنية في هذا المجال، لكن يبقى الباب موصداً في الغرف الخاصة لتوزيع حصص الاحتكار وتقاسم دم الشعب الفقير.
يرفع الحرفيون وأصحاب الورش في المنطقة الصناعية الصوت عالياً وينذرون بالخطر، والاحتجاج يبدأ من انقطاع الكهرباء في كامل المنطقة الصناعية في أوقات الذروة والإنتاج ومايسببه من تعطيل لليد العاملة والورش لأكثر من ساعتين أو ثلاث يومياً ضمن يوم عمل يمتد من التاسعة حتى الخامسة، وتستمر المعاناة في تأمين مادتي الغاز والمازوت الأساسيتين في تشغيل العديد من الورش، وفي ظل عجز جهاز الدولة عن تأمين الكميات المطلوبة في الفترات الزمنية الضرورية يضطر هؤلاء الصناعيون إلى تأمين الغاز والمازوت من السوق السوداء وفق معاملات الاحتكار وغياب أية رقابة حكومية، بل والأسوأ أن العديد من المسؤولين أعلنوا للحرفيين عجزهم عن تأمين المواد وطلبوا منهم علانية تأمينها عبر السوق السوداء.
واليوم تضاف أزمة خانقة جديدة هي انقطاع المياه عن المنطقة الصناعية، فاضطر الحرفيون لتأمين حاجتهم من المياه عبر الصهاريج خاصة مكلفة، وبالتالي سيتم رفع تكلفة المنتجات وهو ما يعود حتماً بشكل سلبي على إمكانية تصريف المنتج وبالتالي زيادة في تضييق الخناق على الورش وخروج أعداد أكبر من اليد العاملة نتيجة انحسار سوق التصريف عموماً وارتفاع تكاليف الإنتاج بكل مكوناته وزيادة العجز في تلك الورش.
إن الحرفيين في المنطقة الصناعية في مدينة السويداء بصدد تنظيم عريضة لتقديمها لمحافظ السويداء للوقوف على مطالبهم، يشرحون فيها معاناتهم المستمرة منذ بداية الأزمة وتداعياتها على أوضاع العمل والإنتاج والأسر المعتاشة من هذه الحرف والورش.
ونحن في حزب الإرادة الشعبية في السويداء إذ نقف إلى جانب هذه المطالب ونعمل بجد لفك هذه المعاناة، نكرر التحذير الذي قلناه منذ عامين وحتى اليوم، إذ استمر التعاطي مع معاناة الناس في المحافظة فالاحتقان في أعلى مستوياته وعوامل تفجير الصدام موجودة و واضحة للقاصي والداني في المحافظة، ويجب قطع يد الذين يلعبون بحياة الناس ويصرّون على دفع الأمور خارج سيطرة أصحاب العقل والحوار والقانون لتصل إلى مآلات غيرها من المحافظات وقد شهد السوريون جميعاً كيف يلعب توليد الاحتقان والضغط المستمر على الناس دور الحطب الجاهز للإشعال وتفجير العنف و أخذ الأمور إلى نقطة اللارجعة.