وزارة الاقتصاد: (الناطق باسم الحقيقة)..!
المتابع للتصريحات الصادرة عن وزارة الاقتصاد في المرحلة الحالية يستطيع أن يرصد مستوى اللامبالاة التي تحكم التصريحات الحكومية التي تعبر تلقائياً عن منطق القرارات الاقتصادية التي تصدرها قوى السوق والفساد عملياً
والتي تفقد كل منطق في لحظات احتدام الواقع الأمني ما قبل الحلول السياسية.. حيث تصبح تلبية رغبات هذه القوى أكثر إلحاحاً ليتحول أغلب السلوك الحكومي إلى معبر عنها..
فوزارة الاقتصاد تطمئن قوى السوق بأن عملية ترشيد الاستيراد وقرار تضييق إجازات الاستيراد ليس أمراً ذا أهمية، فلا تزال حتى اليوم عمليات تمويل المستوردات تبلغ متوسط 2 مليون يورو يومياً وبالحد الأدنى مليون يورو..مع العلم أن الوزارة ذاتها اضطرت في وقت سابق من العام الحالي إلى السير بعملية تضييق تمويل المستوردات بعد أن اتضح أن تمويل كبار التجار والشركات بالقطع الأجنبي، كان أحد البوابات الرئيسية التي حولت القطع الأجنبي إلى السوق السوداء، وأصدر مصرف سورية المركزي في أيلول 2013 قائمة تضم 225 تاجراً وشركة تجارية ممن أخذوا القطع، ولم يمولوا مع العم ان المصرف المركزي مع الجمارك، هو المسؤول الرئيسي عن تعقب هذه العملية، التي لم يحاسب أحد على إثرها.. وهي المساهم الرئيسي في رفع سعر الصرف
وساطة للأقوياء اقتصادياً..
كما أرسلت وزارة الاقتصاد أيضاً كتاباً وجهته للحكومة، يتضمن جملة مقترحات في مقدمتها اتخاذ إجراءات عاجلة بخصوص إعفاء أصحاب المنشآت الصناعية والتجارية والسياحية والخدمية من كل الرسوم المترتبة عليها من ماء وكهرباء وهاتف، وذلك مع المواطنين المتضررين في الأحداث الحالية.. في "مبادرة" جديدة تساوي بين الأطراف المتضررة كافة في الأزمة.. ما بين المواطنين المتضررين والمنشآت المتضررة، وحتى ضمن المنشآت المتضررة ذاتها فبعض المنشآت السياحية وتحديداً المتعاقدة مع الحكومات السابقة ما قبل الأزمة بعقود الـ BOT كشركة قطرية تستثمر شاطئ في منطقة رأس ابن هانئ في اللاذقية لمدة 99 عاماً!! والعديد من المستثمرين السياحين الذين لا بد تضرروا أيضاً بالأزمة، إلا أن مخالفاتهم للعقود والتسهيلات المقدمة مسبقاً لهم، وأخيراً الدعاوى التي يرفعونها على الحكومة السورية في المحاكم الدولية تجعل من تعميم وزارة الاقتصاد في مبادرتها لكافة المنشآت السياحية والخدمية والتسهيلات لدفعات القروض، تختلف وتحديداً أن الحكومة صرحت منذ وقت قريب بأن المقترضين من المصارف العامة من أصحاب المنشآت السياحية والخدمية وبعض الصناعية لديهم حسابات خارجية، توضح قدرات كبيرة لهؤلاء على تسديد ديونهم، وهو ما اتضح في المعلومات المتداولة اليوم حول أسماء كبرى من قوى السوق السورية التي تمتنع عن سداد قروضها، وتدين للمصارف العامة والخاصة بمبالغ تصل إلى عشرات المليارات السورية، كما ذكرت مصادر عن ثلاثة منها (شركة فيمبكس مالكها نبيل الكزبري، شركات عماد غريواتي، شركة المتنبي لموفق قداح..)
الأزمة التي من المفترض أن تشكل ظروفها الضاغطة فرصة "لشد مفاصل" التراخي الحكومي تجاه قوى السوق الكبرى، يبدو أنها تأخذ مفعولاً عكسياً لتتحول إلى فرصة، تتكيف فيها القرارات الاقتصادية والتصريحات الحكومية التي ترشح عنها مع مصالح هؤلاء.. وربما تقدم مسألة الألبسة المستعملة "البالة".. أحد أهم الدلائل.