سوق الغاز السوداء: ارتزاق.. فساد وعمل!
يبدو أن لا مخرج من أزمة الغاز التي تتفاقم يوماً بعد يوم، وبعض المسؤولين يتوقعون امتدادها إلى بداية الصيف، وهذا كله بانتظار حل يأتي من السماء لجموع المتوافدين اليوميين على مراكز الغاز في الأرياف والمدن.
في مراكز الغاز التي تتوزع على أغلب المناطق، ثمة ما يرتاب منه المواطنون الذين يؤكدون أن السيارات المحملة باسطوانات الغاز لا تنقطع عن تنزيل حمولاتها، وبعض المناطق الريفية فيها أكثر من مركز للتوزيع عدا بعض من لديهم رخص توزيع صغيرة، ومع ذلك لا تنتهي الطوابير، ولا يتوقف نزيف الحاجة.
البعض يعيدها إلى انقطاع الكهرباء التي تساهم في التدفئة بعد أزمة المازوت، وأن هذه الأزمات المتلاحقة تتوالد من بعضها، أزمة تلد أزمة أو أزمات.. ولكن ما يريب هو أن لا تنتهي أزمة الغاز بالرغم من الكم الكبير للتوزيع.
إذاً من يصنع الأزمة؟.. في مراكز كبيرة ورئيسة كالمزة ونهر عيشة في دمشق على سبيل المثال لا يختلف الأمر عن أي مركز صغير في الريف، بل إن الأمر يتعدى إلى أن هذه المراكز تستقبل مواطنين من خارج المدينة وبأعداد كبيرة، ويلاحظ مواطنون تحدثوا لـ«قاسيون» عن وجوه تتكرر كل صباح مع أعداد كثيرة من الاسطوانات، وأن هؤلاء مجموعة واحدة متفقة مع بعضها، وأنها تمرّست في استلام الاسطوانات بحجج واهية، وأساليب جديدة!.
مواطن آخر يقول إن بعض من لا يمكنه الوقوف في الطابور اليومي يقف خارجه بانتظار هؤلاء، وهنا يبدأ المزاد حسب الزحام، ومن 700 ليرة يبدأ العد تصاعدياً، وربما يأتي من لديه القدرة فيدفع 1000 ليرة سورية ويمضي بأسطوانته فرحاً بعد غمّ صباحي طويل.
في (قطنا) أقصى ريف دمشق، موزعون أثروا منذ زمن بهذه المهنة، واليوم لا تستطيع أن تتصل بأحدهم، وجوالاتهم دائماً مقفلة، وهم الذين كانوا يدورون على المنازل، ويحملون الأسطوانات إلى الطوابق العليا بـ 300 ليرة سورية.. اليوم هؤلاء يعيشون في قمة المجد الشخصي، المجد الذي تمنحه الأزمات، ويستغله الباحثون عن لقب (معلم) في زمن الأزمات المتلاحقة.
أيضاً بعض العاطلين عن العمل يؤمّنون من خلال هذا النوع من الأزمات دخلاً كبيراً، ويساعدهم في ذلك ضعاف النفوس من موظفين وموزعين، وتتكامل دائرة جديدة فاسدة، وسوق غاز سوداء.
فيا أهلاً.. بأزمة فساد مستمرة، متفاقمة، وتتمدد.. لربما يسجلها التاريخ أو يسجل لها أنها أفضت إلى لهيب أزرق بطعم الحقيقة؛ فكلنا بحاجة للغاز وضد الفساد!.