الزراعة تنفي استخدام الهرمونات.. والوقائع تكذبها!
نبهنا مراراً وتكراراً إلى ضرورة إعادة الاهتمام بقطاع الإنتاج في الاقتصاد السوري بشقيه الصناعي والزراعي، هذين القطاعين اللذين يراكمان الثروة ويدعمان تماسك الاقتصاد، وباعتبار أن الزراعة في بلدنا من القطاعات الهامة المنتجة، إلا أنها تضررت كثيراً بفعل السياسات الليبرالية التي طبقت سابقاً من الفريق الاقتصادي لحكومة عطري، والذي كان يعلم علم اليقين بأن هذه السياسات لابد ستضر بعملية الإنتاج، فتراجعت مساهمة الزراعة في الناتج الوطني العام من %28 إلى أقل من %14، أي إلى النصف تقريبا ورغم هذا الواقع المأساوي فإن عدداً من المنتجين مازالوا يحاولون ويجتهدون من أجل تجاوزه قدر الإمكان، حيث قدّرت إحدى الدراسات الصادرة عن وزارة الزراعة وجود 134 ألف بيت بلاستيكي تؤمن الخضر المحمية في فصل الشتاء.
وعلى الرغم من أهمية هذا الموضوع لكون زراعة البيوت البلاستيكية لها فوائد عديدة، أهمها زيادة كبيرة في كميات الإنتاج عموماً، وإنتاج محاصيل الخضراوات في غير موسمها على وجه خاص، إضافةً إلى ما توفره هذه الزراعة من فرص كبيرة لتسويق الإنتاج، إلا أن هناك محاذير جمة وأخطاراً ربما ذات حجم أكبر من فوائد هذا النوع من الزراعة، من أهمها كما يحذر الخبراء خطورة التصحر في بعض أراضي زراعة البيوت البلاستيكية نتيجة زراعة أكثر من موسم في العام الواحد، وبالتالي القضاء على خصوبة التربة وظهور الآفات الزراعية، فيضطر الفلاحون حين ذلك للجوء إلى التعقيم أو استبدال التربة، وبالتالي يكون التصحر نتيجةً منطقية، ما يساهم بإخراج مساحات جديدة من الأراضي خارج الاستثمار، ويشار هنا إلى أن المبالغ المخصصة للمبيدات الكيميائية تتربع على قمة المصاريف في هذا النوع من الزراعة، وتليها المبالغ المخصصة للأسمدة الكيميائية والهرمونات التي تدخل السوق المحلية بأساليب ملتوية لاختصار الزمن المحدد للقطاف، بغض النظر عن تأثير ذلك على القيمة الغذائية للمنتج، وقد أصبح استخدام الهرمونات أمراً لا يخفى على أحد، علماً أن مصدراً في وزارة الزراعة أشار في تصريح صحفي إلى أن الأنواع التي تستخدم من المزارعين في البيوت البلاستيكية بطرق غير مشروعة ليست هرمونات وإنما مثبتات عقد تساعد على التلقيح القسري غير الطبيعي للزهرة، والغريب في الأمر أن وزارة الزراعة تنفي استخدام الهرمونات في حين أن الوقائع تؤكد استعمالها في كثير من الحالات.
لطالما حذرنا سابقاً من خطورة استخدام هذه الهرمونات، حيث أن استخدامها غير ممكن لأكثر من مرة واحدة، بمعنى أن المنتج سيضطر الى استيرادها سنوياً وبشكل دوري من مصادرها الخارجية (أوربية أو أمريكية)، أضف إلى ذلك الأخطار الكثيرة المترتبة على استخدامها فهي تؤثر سلباً على الصحة والبيئة، الأمر الذي يوجب على وزارة الزراعة أن تعمل بشكل جدي لمكافحة هذا النوع من الزراعات التي لا يسعى منتجها إلا وراء الربح الآني والربح فقط، متناسياً وبشكل مقصود أخطارها على البيئة وصحة الإنسان، علماً أن التكلفة التي تدفعها سورية حسب وزارة الزراعة ثمناً للتدهور البيئي بكل أنواعه ومسبباته، مثل التلوث الناتج عن التربة وخدمات الصرف الصحي والمبيدات والهرمونات، تجاوز 50 مليار ليرة سنوياً.. وقديماً قيل «درهم وقاية خير من قنطار علاج».