كمائن السخرة في حي الزهور ودف الشوك
ظهرت مؤخراً ظاهرة اجبار المواطنين على السخرة لصالح مجموعات من «الدفاع الوطني» في منطقة حي الزهور ودف الشوق وهي تتسبب بزيادة الاحتقان لدى أهل المنطقة مما ينذر بآثار سلبية قد تطال هذه المنطقة المتاخمة لمناطق ساخنة عسكرياً كاليرموك ويلدا والتضامن...
تتمركز عناصر تابعة للدفاع الوطني «المنطقة الشرقية – حي التضامن» على المخارج الأساسية والوحيدة لمنطقة دف الشوك وحي الزهور ليبدأوا بأخذ الهويات وأجهزة الهاتف المحمول من الشباب وتجمعهم في مكان محدد وحين يكتمل العدد المنشود المستهدف يصفونهم في وسيلة نقل «بيك أب» أو «قلاب» لينتقلوا بهم إلى المنطقة التي يحتاجونهم فيها وغالباً ما تكون هذه المنطقة متاخمة لمناطق إشتباك عسكري.
الشاب (ع.أ) يتحدث كنت خارجاً من بيتي لأذهب للعمل وبمجرد وصولي للمخرج الذي يوصلني للشارع العام عند الحديقة أوقفني أحد عناصر الدفاع الوطني ليأخذ مني البطاقة الشخصية والهاتف المحمول وكوني سمعت من رفاقي عن هذا الأمر عرفت مباشرة أنني سأذهب مع مجموعة من الشباب للسخرة في إحدى المناطق حاولت جاهداً إقناع ذلك الرجل الضخم المدجج بالسلاح بعدم جدوى ذهابي معه وارتباطي بعملي قائلاً له (والله العظيم إذا مارحت بطردني المعلم من الشغل والله صرلي سنة بلا شغل الله يوفقك لا تقطع رزقي) ليجيب الرجل (ولاك شو إنت ما فيك ناموس روح وقف مع الشباب هنيك أحسن ما نزلك عالمنفردة قال: شغل قال شو أنا بدي أخدك تلعب روح انقلع) يتابع حديثه تم تجميعنا حتى أصبحنا عشرين شاباً ووضعونا في قلاب لتبدأ رحلة الذهاب إلى مخيم فلسطين مستخدمين طرق آمنة هنا تظهر الوجوه الصفراء ويبدأ كل شاب بتلاوة المعوذات والقراءات التي تحمية من هذه الرحلة وكلما تقدمنا باتجاه المخيم كانت تزداد المخاوف من مشاهدات الدمار والحرائق والعناصر المسلحة التابعة للدفاع الوطني حتى وصلنا إلى منطقة العمل وكانت المهمة إزالة سواتر ترابية وتعبئة أكياس رمل من أجل أن نحملها ألى أحد الأبنية المرتفعة واستمر العمل المرهق تحت الضغط النفسي الكبير بلا طعام وبلا راحة لمدة الـ7 ساعات ليتم الإفراج عنا بمقولة (رجعوا محل ما آخدناكم بيعطوكم الهوية والجوال والله يعطيكم العافية وكلوا فدا الوطن ويستمر الشاب(ع.أ) يا أخي والله من بعد هالمشوار المرتب رجعت عالبيت لقيت أمي لح تنجلط علي وأبي داخ السبع دوخات ليعرف وين أنا شي فكرني معتقل وشي فكرني مخطوف وبدأت من بعدها الإقامة الجبرية بالبيت خوفاً من سخرة تانية بس هالمرة ما أرجع منها (يا مقنوص يا ميت من التعب).
وشاب آخر (هـ.ي) يبلغ من العمر 35 سنة من سكان منطقة حي الزهور يتحدث لنا: ظهرت هذه الظاهرة منذ فترة وسببت الكثير من الاحتقان والاستياء فهذه العناصر تأخذ كل من يقع تجت يدها من شباب صغار العمر ليسخروهم في أعمال مجهدة ومتعبة جاعلين الأهل في حيص بيص من غياب أولادهم يتابع (هـ.ي) أوقفوني عدة مرات وبعد أخذ الهوية مني يجدونني كبيراً في السن فيتركونني وشأني كنت أعرف ما الغاية من توقيفي ولكن شاءت الصدفة أقصد الحظ العاثر أن يوقفني أحدهم الأسبوع الماضي ليقول لي أعطني الهوية والجوال فأسأله بثبات وحزم خير ليش في شي يعني فيجيبني والشرار يخرج من عينيه هات الهوية والجوال وأمام هذا التهديد الشديد أعطيته الهوية والجوال فيأمرني امراً عسكرياً قاطعاً اذهب وقف هناك مع الشباب فقلت له: إن كان الهدف العمل معكم (سخرة) فأنا كبير على هذه الأعمال ما بنفعك بشي فأجابني روح وقف مع الشباب هنيك أو باخدك عامنفردة فقلت له فوراً لأ بروح لعند الشباب وحين إلحاقي بالشباب تبين أن بعض الشباب ليست تجربتهم الأولى فبعضهم مرتين أو ثلاثة فأطلقنا عليهم لقب (سوابق) وعندما اكتمل العدد المطلوب (15) وضعونا في سيارة بيك أب صغيرة (سوزوكي) وبدأت الرحلة بين حارات التضامن باتجاه خط النار ظهر الخوف على معظمنا وازداد الخوف والاضطراب كلما كنا نغوص بين الأبنية المحروقة والمدمرة وعندما وصلنا إلى مركز عسكري معين تبين لنا أن العمل سيكون هنا فأنزلونا من السيارة وسألونا إذا كنا نريد أن نحكي مكالمة واحدة من أجهزتنا لطمئنة الأهل وهذه أول بادرة إيجابية ثم أعطيت الأوامر بالتحرك للطرف الآخر من الشارع (المفترض) ولكن ركضاً ومنحنياً خلف الساتر حتى لا نتعرض للقنص إنتقلنا إلى الطرف الآخر وإذ العمل المفترض القيام به نقل أكياس رمل معبأة وجاهزة من أمام أحد الأبنية إلى الطابق الأخير (الخامس فني) لأحد الشقق الذي لم يبق منها سوى الجدران المثقوبة أو المحروقة وحميع الشقق كانت منهوبة فبدأنا العمل على نقل هذه الأكياس حتى أنهيناها.
متفرقات:
• لم نحصل إلا على الماء بعد طلبنا وإلحاحنا.
• طوال ساعات عملنا (5ساعات) كانوا أي العناصر يحدثوننا عن الدفاع عن الوطن وعن تضحيتهم لأجلنا وعن الإرهابين الكلاب... إلخ.
• كانت الشقة المطلوب وضع الاكياس بها مكشوفة على كل المحيط بنا (مفتوحة).
ـحرصت العناصر الموجودة على توزيع العمل بشكل عادل دون تمييز.
• جاءت مكالمات للعناصر تتواسط لبعض الشباب ونجحت هذه الوساطة فأخذوا إثنين من الشباب وأعادوهم لأهلهم مما أغضب العناصر المسؤولة عن العمل التي سبت وشتمت.
تعليقات شباب السخرة:
• ليش نحنا يعني لأنو دراويش ومعترين والله أنا هلء ليطردوني من شغلي.
• يعني ليش ما يشغلوا (شبيبة الثورة) هاد الشغل لا هدنك بس للبروظة والمسيرات.
• أنا بالنسبة إلي ما عاد أطلع من بيتي أبداً يلعن أبو هالشغلة والله إنكسر ظهري.
• بتصدق عم بسأل حالي ليش عم يجيبونا نشتغل نحنا وكل هالعساكر بالحديقة عم يحوصوا مع البنات طول نهار ما يجيبوهم ويشغلوهم.
• أحد الذين له سوابق (ثلاث مرات سخرة) قال إذا أخدوني مرة آخرى سوف أتطوع معهم على القليل بصير ناخد مصاري والله عم يعطلونا ملا بدنا ناكل.
حالات إنسانية:
• أحد الشباب الذين معنا ذو جسد هزيل وضعيف إصفر وجهه كثيراً فأتفقنا على إراحتة قليلاً في أحد الشقق لكن المسؤول عن العمل (عسكري) إنتبه له وأرغمه على العمل فقلت له أي طول بالك تركو يرتاح مابدنا يموت بين أيدينا فأجابني ويموت شو يعني بس نحنا نموت من أجلكم بعدين يا حبيبي نحنا مسموح يموت معنا 5%.
• أحد الشباب حين فتشوه وجدوا بحوزته (بخاخ دواء ربو) ولم يشفع له ذلك بأي استثناء.
• أحد الشباب قال لي همساً هذا البيت الذي نحن فيه هو بيتي وهذه صور عائلتي والصورة خبأها في ثيابه ليأخدها معه.
• أحد الشباب قال وهو ينظر من أحد النوافذ وأشار لي أترى ذلك البناء الأبيض هذا بيتي وبيت أخي الحمد الله لساتا البناية واقفة.