حلب.. المدنيون ضحية «فوضى السلاح»؟!
على مشارف نهاية العام الثالث للأزمة السورية نقف عاجزين أمام واقع إنساني مؤلم حيث تحولت سورية من الداخل لمركز نزوح كبير لا يعرف الاستقرار، حلب إحدى المدن السورية لا تلخص أزمات شقيقاتها لكنها تحكي فصلاً آخر من دموية المشهد.
فمنذ بداية المعارك والأعمال المسلحة أجبر العديد من المواطنين على النزوح فراراً من الموت الذي لحق بهم أينما حلوا، وكأنما اختبأ بينهم نازحاً هو الأخر أمام عبثية القتل. فنزعة التسليح ودخول الفصائل المسلحة إلى قرى ريف حلب جعلهم تائهين في دوامة كبيرة أمام تنقلهم من قرية إلى أخرى دون أن يدركوا نهاية لمطافهم.
محرقة ونزوح وأسعار مسعورة
هو «المشهد الغائب» عن الصورة التي يتم تناقلها عن صراعات الفصائل المسلحة وقضاء إحداها على الأخرى، والذي يجعل من الكارثي التهليل أو الاستهانة بنتائجها على الأرض وإن كان لمصلحة النظام أم الجماعات المسلحة، ما يجعلهم وسط محرقة كبيرة هم أول من يدفع ثمنها كأهالي (معرستا- أم حوش- كفر صغير).
أزمة النزوح لم تقف خطورتها عند هذا الحد، فمع تزايد موجاته إلى حلب الغربية بالتزامن مع بدء العمليات العسكرية في القسم الشرقي منها ارتفعت الأسعار بشكل لافت وعادت أزمات الخبز والسكن والمواد الغذائية للظهور، وعاد مشهد افتراش النازحين للأرصفة بقسوة.
«الإتاوة» مقابل النزوح!
الأمر الذي قابله تضييق وفرض إتاوات على الوافدين تصل إلى ألفي ليرة سورية، بعد أن فرضت عليهم «المحاكم الشرعية» مبالغ طائلة تصل إلى 160 دولار ما يعادل 25000 ل.س تقريباً في الجهة الأخرى لقاء فرارهم بأرواحهم وما تبقى من أثاثهم وحاجياتهم، ومنع بعضهم من الدخول أحياناً أخرى بحجة التدابير الأمنية، ناهيك عن النظرة التي تم إشاعتها في أوساط المواطنين المقيمين، من كونهم أقنعة يتلطى تحتها إرهابيون أو خلايا نائمة.
هي كتلة أزمات ظل أمامها الفعل الحكومي أقل بكثير مما يجب، مع تصاعد وتيرة الاشتباكات، مشهد يجعل من الملح البحث عن كافة السبل لإطلاق العملية السياسية الفاعلة لرأب الصدع الاجتماعي الحاصل، والذي يهدد وحدة مجتمعاتنا التي لطالما تغنينا بها، وهو أحد بذور انفجار حرب أهلية إن لم يتم التعاطي مع المسألة بجدية بالغة فهذا «الإبداع الإجرامي» في القتل والتخريب والتدمير بحاجة وبشكل ملحٍ إلى أن يتحول إلى إبداع وطني في البناء والحوار البنّاء.
ألم يقتنع طرفا الصراع بعد بالنتائج الكارثية لعقلية الحسم العسكري؟!