طرطوس.. فساد وسرقة لمساعدات «الإغاثة»؟!
الفساد.. الفساد.. ثم الفساد، إنه المصطلح الأشهر والأكثر انتشاراً في سورية منذ سنوات طويلة، وإن هذه الأزمة الطاحنة كشفت للكثيرين مدى خطورة هذا السرطان الذي ينخر في مجتمعنا السوري منذ زمن طويل، حيث تأكد للجميع بأنه أحد الأسباب الرئيسية لانفجار أزمتنا
والآن لم يعد يتحدث السوريون عن الفساد الإداري أو القضائي أو في التعليم الجامعي بل الحديث في الشارع اليوم هو عن تجار الأزمة وعلى مختلف المستويات «تجار السلاح - تجار المحروقات - المواد غذائية»، وغيرها من الأزمات الخانقة التي يعاني منها المواطن السوري.
السرقة تطال مساعدات الإغاثة
ولكن الحديث الأبرز اليوم هو عن الفساد والنهب والسرقة التي تطال مساعدات الإغاثة الإنسانية المقدمة للشعب السوري، خاصة وأن المصادر المختلفة تؤكد بأن نصف الشعب السوري أصبح بحاجة للمساعدة، وأصبح تحت خط الفقر.
ففي أسواق طرطوس مثلاً انتشرت ظاهرة منذ عدة أشهر، وهي بيع معونات الإغاثة علناً وبكل وقاحة؟! ودون حسيب أو رقيب؟! لا رادع من ضمير ولا من أي جهة حكومية.
فمراسل «قاسيون» جال في سوق الكراجات القديم وشاهد المواد الغذائية من زيوت ومعلبات مختلفة خاصة بمساعدات الإغاثة ومكتوب عليها بكشل واضح «غير مخصص للبيع»، تباع علناً، حيث سألنا أحد البائعين كيف تبيعها وهي مخصصة للشعب السوري المحتاج ولماذا لا تخاف من دوريات التموين أو شرطة البلدية فرد ساخراً: «حط بالخرج».
التلاعب والمحسوبيات..
وأيضاً تُباع تلك المسروقات علناً في سوق «النسوان» في قلب السوق التجاري بطرطوس في تحدّْ واضح لكل الجهات الرسمية، خاصة وأن محافظتنا هادئة. والجواب المنطقي هو الفساد والرشوة وتجار الأزمة وضعاف النفوس من تجار الأزمة ومن الجهات الحكومية المكلفة بردع هذه الظاهرة؟
وأما عن التلاعب والمحسوبيات في الجمعيات الخيرية والهلال الأحمر فحدث ولا حرج، وأكبر مثال جمعية «البتول» التي يتحدث الجميع عن الفساد والتلاعب والسرقة التي تحدث فيها لدرجة أنها أصبحت حديث الشارع.
تحدثت المواطنة «فهمية الراعي»، زوجة عسكري مفقود، تحدثت لـ«قاسيون» في جمعية البتول والدمعة في عينها: «أنا زوجة مفقود وأولادي الثلاثة صغار، والمنطقة كلها تعرف ذلك والمختار والبلدية، ومديرية الشؤون أعطتني الموافقة للمعونة ولكن رئيسة الجمعية ردت بكل استهتار ووقاحة بأنه لا يحق لي معونة بحجة أنها تريد الإثبات لذلك؟ ولا أعرف ماذا أفعل، إننا نأتي إلى هنا ونعامل كشحادين وليس كمواطنين...».
المعونة لمرة واحدة!
في حين تحدث المواطن «أبو محمد» مهجر من حلب، قائلاً: «إنني قدمت لطرطوس منذ ستة أشهر، ولم أحصل على أي مساعدة إغاثة إلا مؤخراً، حصلت عليها بشكل إسعافي (مرة واحدة فقط)، ولم يقدموا لنا في الهلال الأحمر أي مساعدة من ناحية الفرش وأثاث المنزل، رغم وجود الهوية الشخصية ودفتر العائلة التي تؤكد بأنني حلبي مهجر وأنا بحاجة ماسة للمساعدة..؟!».
أما المواطن غازي حلوم فتحدث لـ«قاسيون» غاضباً: «أولادي الثلاثة احتياط في الجيش العربي السوري وأحدهم مصاب منذ ثلاثة أشهر، وقدمت كل أوراقي الثبوتية إلى الشؤون الاجتماعية وحتى توقيع المحافظ، ولكن السيدة رئيسة جمعية البتول رفضت إعطاءنا المساعدة بكل وقاحة، والمؤلم ليس عدم حصولي على المعونة، ولكن كرامتنا التي تُهان فأولادي يدافعون عن الوطن ووحدته، وابني جريح ولا يوجد أي مُعيل ونُعامل بطريقة تهين الكرامة..».