خلي النقاط على الحروف!
حال مقاهي العاصمة كحال المقاهي في معظم المحافظات فهي أمكنة لتمضية الوقت، للعب النرد والورق، وفيها يجد الكثيرون محطات سريعة وسهلة للقاءات على مواعيد متفق عليها ولبعضها خصوصيته
ومنها على سبيل المثال مقهى الهافانا المتكئة من يوم نشوئها على بناء سينما «روكسي» في منتصف المسافة بين بوابة الصالحية- ساحة يوسف العظمة، وبين جسر فيكتوريا على نهر بردى بدمشق، وقد استطاعت أن تستقطب أعداداً من رجال الفكر والفن والأدب والسياسية وحول ذلك دخلت في تنافس مشهود مع مقهى البرازيل المقابلة لها على الطرف الثاني من الشارع ذاته، منذ العقد الرابع وحتى سبعينيات القرن العشرين، ورغم نفوري بشكل عام من ارتياد المقاهي، إلا أنني اضطر أحياناً لدخولها لمقابلة بعض الأصدقاء والمعارف من روادها، والمرة الأولى التي دخلت فيها إلى مقهى الهافانا مع رفيقين شابين كانت عام 1955 لتحية صناجة العرب الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري الوافد إلى دمشق ليشارك في حفل تأبين الشهيد الوطني عدنان المالكي. وفي الملعب البلدي حيث استشهد المالكي، صدحت عقيرة الشاعر بواحدة من روائع الشعر العربي الذي سكن وجدان وذاكرة الآلاف من الوطنيين في كل الأرجاء، ومن أبيات القصيدة التي لا تنسى:
حاسبت نفسي والأناة تردها
في معرض التصريح للإيماء
ما أنتِ إذ لا تصدعين فواحشا
إلا كراضية عن الفحشاء
ماذا يميزك والسكوت قسيمة
عن خائع، ومهادن، ومرائي
خلي النقاط على الحروف، وأوغلي
في الجهر ما وسعت حروف هجاء
وبناء عليه. نقطة وإلى أول السطر:
سورية في عين العاصفة، وشعبنا في نزف مميت، بينما المتشددون الفاسدون في طرفي الصراع يتاجرون بمصير الوطن مستبيحين أمن الطفولة وطهارة الأمومة، وكرامة بل حياة السوريين.
أيها الوطنيون.. الوطن ينادينا:
أخمدوا الحرائق.. وادرؤوا الأخطار
وابنوا معاً سورية الحرة العزيزة الديمقراطية المزدهرة.