«جديدة عرطوز الفضل» تستغيث... انقطاع شبه كلي للمياه

«جديدة عرطوز الفضل» تستغيث... انقطاع شبه كلي للمياه

تتعرض بلدة «جديدة عرطوز الفضل» التي تبعد 15 كم جنوب غرب دمشق إلى العديد من المشاكل الخدمية، وتعد أزمة نقص المياه التي تبلغ ذروتها اليوم من أكبر هذه المشاكل. تعاني المنطقة حالياً من نقص حاد ومزمن في المياه بلغ حد الانقطاع النهائي تقريباً، ومنذ ما قبل اندلاع الأزمة السورية في عام 2011 تعاني المنطقة من مشكلة نقص المياه، فالتغذية بالماء لم تزد عن معدل «ساعتين أسبوعياً» قبل ذلك التاريخ

أمراض وتكاليف باهظة لتأمين المستلزمات المعيشية وانقطاع كلي للمياه مع تصاعد الأزمة السورية وتردي الوضع الأمني وتوقف خط الإمداد الرئيسي بالماء عن المنطقة التي كانت تعتمد على نقل المياه من محافظة القنيطرة على بعد 40 كم بالناقلات الضخمة بشكل شبه كامل، وليس على الأنابيب الأرضية التي تغذي جزءاً بسيطاً من الشبكة، زادت من معاناة الأهالي.

المياه في بورصة الأسعار!

ومع تعذر النقل بالصهاريج وارتفاع تكاليف النقل بسبب قيام الحكومة برفع أسعار المازوت، تراجعت التغذية بالمياه خلال السنتين الماضيتين من «ساعتين أسبوعياً» إلى «ساعة كل أسبوعين». اضطر الأهالي حينها لزيادة اعتمادهم على الصهاريج المحلية التي تشتري المياه من المزارع المجاورة وتبيعه للناس بأسعار عالية نسبياً، فثمن البرميل الواحد «200 ليتر» قبل الأزمة بلغ 30 ليرة سورية، وارتفع في السنتين الماضيتين إلى 40 ل.س ثم بلغ في الأشهر الماضية 50 ل.س.
وفي الأسبوعين الأخيرين أدى الانقطاع المستمر بالكهرباء في المنطقة إلى توقف هذه الصهاريج التي كانت تسد شيئاً من حاجة المواطن، وهي التي تكلفه مبالغ من دخله النزر أصلاً، فتصل حاجة العائلة تقريباً إلى 500 ليرة سورية أسبوعياً بالحد الأدنى ثمناً لـ(10) براميل.

أمراض ومياه مجرثمة

والمشكلة الكبرى الطارئة أيضاً في الآونة الأخيرة هي إصابة العديد من أهالي المنطقة بأمراض مختلفة ناتجة عن مياه مجرثمة تبيعها الصهاريج التي تؤمن مياه الشرب والغسيل للناس في منطقة تعتبر من أفقر مناطق ريف دمشق.
مع الانقطاعات الأخيرة للتيار الكهربائي بشكل كامل في المنطقة ولأسباب أخرى مجهولة، انقطعت التغذية نهائياً عبر الشبكة في معظم أحياء البلدة وتوقف معظم الصهاريج المحلية عن بيع الماء، مما أدى إلى خروج مئات الناس الفقراء يهيمون في الشوارع بحثاً عن أي قطرة ماء سواء كانت ملوثة أم لا.

الفساد أس المشكلة

يتجلى سوء التنمية وتردي الخدمات العامة بالمنطقة بطريقة تعاطي مؤسساتها مع الأزمة، فوحدة المياه المسؤولة عن توزيع المياه في المنطقة لا تقدم أي جواب شافٍ لمراجعيها، فهي تكتفي بالتسويف أغلب الأحيان وبنهر المواطنين لو تطلب الأمر، كما تلقي وحدة المياه اللوم على مديرية المياه، الموجودة في مدينة القنيطرة على بعد 40 كم من المنطقة، والتي بدورها لم تحرك ساكناً لإيجاد حل جذري لمشكلة تفاقمت خلال سنين، اللهم سوى قيامها مؤخراً بتنفيذ مشروع لمد خط تغذية جديد يقوم على جر المياه من أحد آبار المنطقة إلى باقي الشبكة، وسرعان ما توقف هذا المشروع دون معرفة السبب، أو لدواعٍ أمنية، كما يهمس بعض المواطنين، لاقتراب الحفريات من سكة القطار المارة في المنطقة.
لكن المواطنين يتساءلون دوماً عن غياب بلديتهم التي من المفترض أنها منتخبة لأجلهم وأنها تمثل أعلى سلطة تنفيذية في المنطقة وفقاً لقانون الإدارة المحلية. حيث تخلي البلدية مسؤوليتها عن المياه بإلقاء اللوم على وحدة المياه في المنطقة.

أموال تغدق على الطلاء!

ولبلدية «الفضل» شهرة استثنائية هي ورئيسها بالفساد، فرئيسها الملقب بـ «الأمير»، والذي خرج مؤخراً بـ«قدرة قادر»، «بريئاً» من اعتقال دام أشهر بعد تهم بالفساد وتعامل مع مسلحين، حيث تناقل الأهالي العام الماضي حادثة إخفائه لـ(600) جرة غاز شهرياً من مخصصات المنطقة من الغاز في ظل أزمة الغاز الكبرى.
يتأهب اليوم للعودة إلى منصبه وكأن شيئاً لم يكن، لا تقض مضجعه لا أزمة مياه ولا مازوت ولا غاز!!.
هذا وقد انبرت البلدية مؤخراً بإجراء فرضته على كل المحال التجارية في المنطقة لطلاء واجهات المحلات بلون موحد «بني- سكري»، وذلك استعداداً لاستقبال بـ«أبهى حلة» لوزير التجارة الداخلية والتموين، الذي ينوي تشريف المنطقة بزيارة تاريخية لافتتاح فرن للخبز فيها.
الزيارة التي لم تتم حتى اللحظة، والفرن غير معروف المصير أيضاً، لكن أموالاً أغدقت على الطلاء من أموال البلدية فساداً وتملقاً..

كل الجهات تبرأت منها!

تتبع أراضي جديدة الفضل من الناحية الجغرافية لمحافظة ريف دمشق، ولكن وبسبب قيامها في السبعينات من القرن الماضي على أنها تجمع للنازحين من أبناء الجولان السوري المحتل عام 1967 تم تتبيع جزء من خدماتها كالمياه والبلدية والصحة والتعليم لمحافظة القنيطرة، بينما تتبع الكهرباء والهاتف لمحافظة ريف دمشق، وبين التبعية لهاتين المحافظتين «القنيطرة وريف دمشق» ظلت المنطقة منطقة عشوائيات تنمو وتكبر مع استمرار تبرؤ كل الجهات من إعطاء حقوق أبنائها في التنمية، فتراكمت المشاكل إلى حدود تصل اليوم إلى انقطاع كامل للمياه والكهرباء وتردي لخدمات الطرق والهاتف والصحة والتعليم وتهميش الأهالي من قبل المسؤولين كافة.