لا يموت حق : مواطن وليس.. زبون

لا يموت حق : مواطن وليس.. زبون

الحديث عن علاقة الإدارة بالمواطن والمتعاملين معها، وتشخيص الخلل الذي يعرقل  تحسين هذه العلاقة والتعرف على أسباب هذا الخلل، ومن ثم تقديم الحلول المقترحة في هذا الشأن. هذه كلها محاور تكّون في حد ذاتها ورشة عمل كبيرة تحتاج أياما من الدراسة

لكن ما يهم المواطن السوري الحالي وعلاقته بالإدارة أياً تكن سواء أكانت خدمية أو إدارية، هو أن لا يشعر هذا المواطن بأنه «زبون» وعليه أن يمارس فن المناورة ويناور ويناور لكي يحصل على ما يريده من حقوق مشروعة في هذا المرفق العام أو ذاك.
ومن هنا أقول إن تحسين العلاقة بين الإدارة والمواطن والمتعاملين معها يشكل أهم شروط الإصلاح الإداري، وأنه يجب على الحكومة الانتقال من إدارة إدارية إلى إدارة مواطنة وليس إدارة  «زبائنية» كما هو الواقع الحالي، ويكون ذلك بوضع قوانين وضوابط في هذا الميدان.
وغير خافٍ على أحد أن تحسين علاقة الإدارة بالمواطن والمتعاملين معها يرتبط كذلك بالتحديات الكبرى للإدارة السورية، وهي تحديات اقتصادية كالتحكم في تأثيرات الليبرالية مع التطوير المزعوم للاقتصاد الوطني, وكذلك اجتماعية  إذ يجب على الإدارات العامة أن تلعب دوراً جدياً وفعالاً في حماية حقوق وحريات المواطنين و تطوير التماسك الاجتماعي بوسائل تنظيمية وأخرى تسمح لهذه الإدارات بالتدخل المباشر، عندما يتعلق الأمر بالحرص على تكافؤ الفرص بين المواطنين بمحاربة الفوارق الاجتماعية أو حماية الأكثر ضعفاً.
ومن بين التحديات أيضاً التحديات التكنولوجية إذ يجب على الإدارات إدراج الاستخدام الصحيح للتقنيات الحديثة, كل ذلك بالإضافة إلى أن تحسين علاقة الإدارة بالمواطن تفرضه الثقافات الجديدة لحقوق الإنسان، حيث أصبح الآن حق المواطن في الإعلام والحصول على المعلومات والوثائق الإدارية وعلى تعليل القرارات الإدارية «وهذا أخطر ما في الموضوع كله» من الجيل الثالث لحقوق الإنسان, فالعديد من القرارات الإدارية وخاصة قرارات رفض الطلبات «المُحقّة» عادة ما تكون مقتضبة مبهمة غير مفهومة وغير معللة, على سبيل المثال «مع عدم الموافقة» أو «أرى رد الطلب» أو «لحفظ الإضبارة» أو «أرى التريث بالموافقة»!!! حقا أمر مضحك هكذا قرارات لشؤون تمس المواطنين وهذا ما يشكل محفزاً للمواطن ودافعاً حقيقياً بأن يتحول إلى «زبون» ولسان حاله يقول: «حقي وبدي اشتريه».
ونتساءل هل يتعمد السيد القانوني إصدار مثل تلك القرارات؟؟
فإذا لم يكن قاصداً فنقول جاهلٌ أودى بنا. وإذا كان الجواب أنه متعمد وعن سبق إصرار فنقول إن فعله هذا أتى كي تكتمل الصورة «الزبون والمستثمر» أي «المواطن والمسؤول»... وفي الحالتين سواء.