العمل على إشهار أمانة طرطوس للثوابت الوطنية
مع انفجار الأحداث في سورية وعت الأحزاب السياسية لدورها الضعيف في الشارع نتيجة ابتعادها عن الجماهير وفقدانها للدور الوظيفي الذي من المفترض أن يكون من أولويات نشوئها, فسعى قسم منها لاستعادة هذا الدور من خلال برامجه وترجم ذلك على أرض الواقع وسجل حضوراً ملفتاً, وعمل جاهداً نتيجة سرعة الأحداث وتطورها وتعقدها أن يرتقي إلى مستوى الأزمة الوطنية التي عصفت بسورية مثل «حزب الإرادة الشعبية».
ومن جانب آخر وعت الشخصيات والقوى الاجتماعية المدنية الأخرى والتي تعمل بالشأن العام, كم كانت بعيدة عن المجتمع ميدانياً، وكان جل عملها المناقشات داخل الغرف المغلقة, فسعى قسم منها-وإن كان متأخراً- في إثبات وجوده كنوع من إعادة الاعتبار والدور لهذا العمل الجماعي وتنظيمه وقوننته ليكمل الدور مع قوى أخرى في إعادة تصويب وإنتاج مفاهيم شوهتها تراكمات الأخطاء التي تركتها الحكومات المتعاقبة, منها ما أنتجته هي ومنها ما كان موجوداً فأهملته وازداد تشوهاً, كمفهوم الانتماء لوطن, وانتشار مفهوم العمل سوية تحت سقف الوطن للعب الدور المناط بنا تاريخياً في سد الفجوة الكبيرة التي نشأت بين الفرد وانتماءه للمجتمع وبين المواطن ووعيه وعلاقته بمؤسسات الدولة, من هنا تم العمل سوية على إشهار أمانة طرطوس للثوابت الوطنية مكملة ولادة أخواتها في حلب واللاذقية.
هدف الأمانة
هي هيئة وطنية تضم مجموعة متنوعة من المواطنين ذوي التوجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في محافظة طرطوس, وتمارس نشاطها داخل أراضي الجمهورية العربية السورية وخارجها مؤمنة بدورها الفعال في بناء سورية المتجددة, وثوابتها. وتهدف الأمانة من خلال ثوابتها إلى المشاركة الفعالة وعلى كافة المستويات الحكومية والأهلية في الحياة الوطنية السورية, لتغدوا سورية المستقبل دولة مدنية ديمقراطية ومتجددة ولتحافظ على دورها الريادي العربي والدولي ولتكون الدولة النموذج في تطبيق سيادة القانون واحترام حرية الرأي والتعبير. والأمانة منفتحة على كافة التيارات الفكرية والوطنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعمل من أجل سورية والسوريين.
وتعمل الأمانة على مناقشة مسودة المحاور المعدة للإقرار وتمثل رأيها وموقفها- المحور السياسي- المحور الاقتصادي «الذي يتضمن الجانب الزراعي والجانب السياحي والبيئي والأثري, والجانب الصناعي»- والمحور الاجتماعي.
الأمانة على المحك
انتشرت في سورية الكثير من التجمعات الشبابية التي ولدت بعد انفجار الأزمة, والتي أتت تعبيراً عن الصدمة وبحثاً عن دور تلعبه ضمن هذا الفراغ الحاصل ضمن الوسط الاجتماعي التي تعيشه, ومنها من أقام ورش تدريب مجتمعي تحت تسميات معينة وبرامج متخصصة أوروبية, وأنشأت جمعيات أهلية مدنية تختص بهذا الشأن أو ذاك. ولكن ما يميز الأمانة اتساع طموحها وبرنامجها، بحيث أنها مهيأة أن تكون «أكبر من حزب لكنها أصغر من وطن».
ولكي تحقق حضوراً في المجتمع عليها أن تعمل وتحافظ على تنوعها بما يقارب التنوع في المجتمع, وأن تتخلى القوى الفاعلة فيها عن الخطاب القديم الذي وإن كان له دور تعبوي في مرحلة تاريخية معينة، لكنه مع التقادم وبفعل قوانين تطور المجتمعات استنفد إمكانياته وأصبح عامل عرقلة أكثر مما هو عامل جذب, ولا ننسى بأن هناك أناس آخرين محكومون بالعيش سوية ونشكل معاً نسيجاً وطنياً واحداً، ونعي بأننا وإن اختلفنا في الثقافة الاجتماعية أو تباينا فيها هناك شيء يجمعنا سوية هو الوطن, وأن لا ننسى مهما كنا على ثقة بصحة آرائنا هناك آراء أخرى يجب أن نصغي إليها تحقيقا للقول «رأينا على صواب لكنه يحتمل قسط من الخطأ, ورأيكم خاطئ لكنه يحتمل قسط من الحقيقة».