من معاناة «مرضى السرطان» في السويداء
الجمعية السورية الخيرية لمساعدة مرضى السرطان، المعروفة باسم جمعية «لمسة حنان»، تقوم بتأمين العلاج لمرضى السرطان من دواء وجرعات كيماوية وتحاليل مخبرية وصور شعاعية وطبقي محوري ورنين مغناطيسي وعمليات جراحية تحت إشراف طبّي مختص وكادر تمريض متدرب.
بتاريخ 27/7/2010 تقدّمت الجمعية بكتاب لوزير الصحة السابق الدكتور «وائل الحلقي» تطلب فيه التعاون مع المستشفى الوطني في السويداء، وكان رد الوزير في حينه طلب دراسة شروط للمشروع. وقدّمت الجمعية بتاريخ 22/12/2010 دراسة تضمنت تجهيز أربع غرف في مستشفى السويداء لمصلحة مرضى السرطان، بالإضافة لبرنامج للدعم النفسي للمرضى.
بناء على الدراسة وافق وزير الصحة السابق على تأسيس الوحدة الطبيّة لمعالجة الأورام «لمسة حنان» بإشراف وزارة الصحة وفق الكتاب رقم 1/17/6 تاريخ 3/1/2011 بالتعاون مع مديرية مكافحة السرطان ومديرية الصحة في السويداء، وقد بادرت الأخيرة لعقد اجتماع بتارخ 19/1/2011 لمناقشة كتاب السيد الوزير المتضمّن الموافقة على أخذ أربع غرف في مستشفى السويداء الوطني لحساب الجمعية، وتم الاتفاق مبدئياً على استخدام غرفتين تابعتين لوحدة أمراض الدم والقيام بإعادة تأهيلهما، بالإضافة لإمكانية استخدام البهو الفاصل بين وحدة أمراض الدم وقسم الأطفال، وهو بمساحة 30 م2 تقريباً.
النكول عن الاتفاق..
لم يتم تسليم الغرفتين حسب الاتفاق من إدارة المستشفى، فتقدمت الجمعية بكتاب إلى محافظ السويداء طالبة فيه منحها استثناءً لاستخدام سطح البناء الملاصق لوحدة «أمراض الدم» لبناء غرفتين عليه بمواد قابلة للإزالة، مع تعهد الجمعية بإزالة كل ما قد يبنى لدى توافر البديل، وتكفّلت الجمعية بتكاليف الإنشاء والتأهيل كافة، وأنجزت الوحدة بعد موافقة محافظ السويداء، وبلغت التكاليف كاملة 2 مليون و200 ألف ليرة سورية، وقام النادي الدبلوماسي بدمشق بتقديم 10 أسرّة كهربائية، و6 كراسي إعطاء جرعات، و4 كراسي عجزة، وتم تقديم خدمة إعطاء الجرعات لما يقارب 300 مريض مسجّلين في الجمعية حتى الآن، وبلغت المساعدات المادية من تأمين أدوية وتحاليل مخبريّة وصور شعاعية منذ افتتاح الوحدة قيمة 3 ملايين ليرة سورية.
مضايقات من كل حدب وصوب
وعلى مدى سنتين وسبعة أشهر من عمر عمل الوحدة العلاجية «لمسة حنان»، حققت الوحدة التابعة للجمعية النجاح في عملها وحصلت على ثقة المرضى والسمعة الطيبّة يبن أهالي المحافظة، وعلى طول تلك الفترة كانت المضايقات تستهدف عمل الجمعية من كل حدب وصوب، وتكرر الهجوم على الجمعية في صفحات التواصل الالكترونية التابعة للمتضررين من نجاحاتها، التي أضرّت بأرباحهم الناجمة من تجارة الأدوية واستثمار أوجاع الفقراء.
بتاريخ 26/8/2013 قامت مديرية صحة السويداء بإرسال كتاب برقم 7236/ص موجّه لوزير الصحة تضمّن أخذ العلم بأن جمعية «لمسة حنان» غير مسجّلة في مديرية الشؤون الاجتماعية في السويداء، وبالتالي وجودها وعملها ضمن المحافظة غير قانوني، وإن المشرفين على الجمعية تكررت مخالفتهم بإغلاق أبواب الوحدة في وجه المرضى من المشفى الوطني وإبقائها مفتوحة أمام المرضى المحولين من الجمعية حصراً، على الرغم من قيام كادر المشفى من أطباء وممرضين بتقديم جميع الخدمات التشخيصية والعلاجية للأمراض الورمية، حيث بلغت نسبة الإشغال لأسرّة العلاج الورمي في المشفى الوطني 600%، والمشفى يتحمل الضغط الناجم عن استقبال مرضى وجرحى الجيش والقوّات المسلّحة والأجهزة الأمنية، إضافة لمرضى المحافظة والمنطقة الشرقية من محافظة درعا والمهجّرين من باقي المحافظات السورية، وضمن حالة الطوارئ التي يواجهها المستشفى يتعذر التخلّي عن أي سرير لمصلحة أي كان، وتقترح مديرية صحة السويداء إلحاق الوحدة العلاجية بشعبة «أمراض الدم» في المشفى الوطني بالسويداء مع إبقاء صلاحية الجمعية في شراء الأدوية الورمية للمراجعين المسجلين لدى الجمعية حصراً.
الكُتب الكيدية وعدم التجاوب!
وعند تدقيق مضمون كتاب مديرية صحة السويداء مع العاملين في جمعية «لمسة حنان»، وضّحوا لنا أن الجمعية مرخصّة ومسجّلة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية ومشهرة برقم 1621 تاريخ 8/9/2005، والذي يخوّلها العمل في أراضي الجمهورية العربية السورية، والجمعية تمارس عملها في محافظة السويداء منذ أكثر من سنتين وعشرة أشهر بموجب كتاب وزير الصحة السابق المذكور آنفاً، وبموافقة مديرية صحة السويداء والمحافظ تم إنشاء «الوحدة العلاجية» على نفقة الجمعية وفق التكاليف المذكورة.
واستغرب العاملون في الجمعية والمرضى المسجلون فيها طلب مديرية الصحة في السويداء توقيف الوحدة العلاجية بحجّة الضرورة الطارئة، وأوضحوا لنا أن «الوحدة العلاجية» هي بناء قابل للإزالة، وتوقّف الجمعية عن تقديم الخدمة في هذه الوحدة يعني إزالتها وفق الاتفاق مع المحافظ ومديرية الصحة، وبالتالي فإن المستشفى لن يستفيد من الوحدة في هذه الحالة إلا من البهو والممر الواصل بين قسمي «أمراض الدم» و«أمراض الأطفال» ولا تتجاوز مساحته الـ30 م2.
وأضافوا أن الجمعية تقدّمت بعدة كتب موجّهة لمحافظ السويداء ومديرية الصحة للسماح لتسهيل عمل الأطباء المتبرّعين من خارج المشفى بتقديم المشورة والعلاج، والمساعدة بتأمين كادر من داخل وخارج المشفى لتغطية احتياجات المشفى مع استعداد وإمكانية الجمعية للتغطية المالية كاملة، ولم يتم الإجابة على تلك الكتب منذ شهور وحتى الآن.
المطلوب تخفيف معاناة المواطنين
المشكلة اليوم وفي ظل هذه الإرباكات، تكمن في أن إدارة المشفى الوطني تصر على نقل المرضى الموجودين في الوحدة العلاجية «لمسة حنان» إلى قسم «أمراض الدم» وتبرر ذلك بضرورة مراقبة الوضع الصحي للمريض، بالرغم من وجود أكثر من مريض أصلاً على السرير الواحد في قسم «أمراض الدم»، والأزمة الوطنية الشاملة تتطلب من الجميع العمل للتخفيف من معاناة المواطنين وخصوصاً مرضى السرطان.
الجدير بالذكر أن إحدى أعضاء اللجنة المشرفة على وحدة «لمسة حنان» تحفظّت على ذكر اسمها وحمّلتنا الرسالة التالية: «نحن جمعية خيرية تقوم بعمل إنساني بحت، نحن لسنا مع فريق ضد آخر، لا موالاة ولا معارضة، نحن مع الوطن والفقراء ولا نريد للسياسة أن تكون ذريعة لإقصائنا من عملنا الإنساني في المحافظة».
التقت «قاسيون» مديرة الشؤون الاجتماعية في السويداء السيّدة بشرى جربوع، التي أبدت التعاون الكامل والاهتمام بتزويدنا بالإطار القانوني لعمل الجمعيات وبيّان الوضع القانوني لجمعية «لمسة حنان» في السويداء، فأفادتنا بأن «الجمعية مشهرة بموجب القرار المذكور آنفاً، مقرّها ريف دمشق- جرمانا، ويشمل نشاطها كل المحافظات، وقد حصلت على موافقة محافظ السويداء لإحداث فرع غير مشهر بموجب حاشية السيد المحافظ برقم (18/و/1/10) تاريخ 4/3/2013 والمسطّر على كتاب مديريتنا رقم (18/ص) تاريخ 2/1/2013».
الجمعية مشهرة..
وأوضحت أن الجمعية تقوم بجميع نشاطاتها من تبرعات وحفلات وإقامة الأسواق الخيرية بناءً على موافقات خطيّة أصولية تحصل عليها من وزارة الشؤون الاجتماعية ومحافظة السويداء، وإن الجمعية بدأت عملها في المحافظة بناءً على قرار وزير الصحة السابق رقم (1/17/6) تاريخ 10/1/2011 بإقامة مركز علاج كيماوي تابع للجمعية مؤلف من أربع غرف ضمن المشفى الوطني في السويداء على نفقة الجمعية، مع إمكانية استخدام مراكز التحليل والتصوير التابعة للمشفى مجاناً، ونظراً لعدم وجود غرف شاغرة في المشفى حصلت الجمعية على موافقة محافظ السويداء لإشادة وحدة «المعالجة للأورام» على السطح الشاغر لأحد الأقسام، بمساحة 150 م2 وهي أقسام قابلة للإزالة وفق الاتفاق مع المحافظ.
وتم افتتاح الوحدة بحضور وزير الصحة السابق الدكتور وائل حلقي بتاريخ 21/10/2011، وحصلت الجمعية على معونة مالية قدرها 25 ألف ليرة من الوزارة لمصلحة فرعها في السويداء، وذلك بموجب قرار رقم 1089 تاريخ 31/1/2012.
حتى تاريخه لم يصل الرد!
وختمت السيدّة بشرى جربوع حديثها بأن مديرية الشؤون الاجتماعية في السويداء خاطبت وزارة الشؤون الاجتماعية بتاريخ 4/3/2013 لاستصدار قرار رسمي بإحداث فرع غير مشهر لجمعية «لمسة حنان» المشهرة أصلاً في ريف دمشق، وحتى تاريخه لم يصلنا الرد على هذا الكتاب. وأعربت عن استعداد مديرية الشؤون الاجتماعية في السويداء تقديم كل التسهيلات والمساعدة لجمعية «لمسة حنان» وأية جمعية أخرى تهدف للعمل الخيري الإنساني، طالبة من جمعية «لمسة حنان» متابعة عملية استيفاء ترخيصها الكامل في المحافظة لإزالة أية عوائق أمام عملها الضروري والمهم.
ونحن بدورنا نطالب وزارة الشؤون الاجتماعية متابعة هذه القضية بأعلى درجة من الاهتمام، والرد بأسرع وقت على كتاب مديرية الشؤون الاجتماعية في السويداء، للانتهاء من قضية الترخيص الرسمي والكامل للجمعية في السويداء، ونضع هذه القضية بين يدي كل المسؤولين أصحاب العلاقة في المحافظة لحل هذا الإشكال القائم، والذي ينعكس ضرره على المرضى المحتاجين لأعلى درجات العناية والخدمة الصحيّة.