من الذاكرة : وجاء في المقدمة
«إن القانون الداخلي للرأسمالية يخلق ميلاً معادياً للديمقراطية يغذي الحركات التي تجنح إلى الفاشية ففي فترة أزمة الرأسمالية وتفسحها ينمو ميل إلى انتهاج سياسات رجعية في الرأسمالية».
هذا الكلام الذي تعلمناه ونحن شباب قيل منذ العقد الثالث من القرن المنصرم.. وما زال حتى اليوم يحتفظ بصحته, فعندما لا يكون الرأسمال الاحتكاري قادراً في فترة أزمته العامة على اتباع سياسات من شأنها تحقيق أقصى الأرباح الاحتكارية, وإذا كانت المؤسسات الديمقراطية لا توفر الحد الأدنى من إمكانات تدخل الشعب ضد هذه السياسات, فإن الرأسمالية الاحتكارية تتحرك لتحجيم أو تصفية هذه البنى محاولة استبدالها بأنظمة رجعية وعسكرية, وخصوصاً بأنظمة فاشية, فالفاشية هي أكثر أشكال هذه الديكتاتوريات البرجوازية الكبيرة وحشيةً وتدميراً.
وعلى أرض الواقع شهدت أوروبا ظهور أنظمة فاشستية عاتية شكلت تهديداً حقيقياً للبشرية جمعاء مما استدعى نهوضاً دولياً للتصدي لها, ومن ثم هزيمتها على يد الجيش الأحمر وجيوش الحلفاء وتهاوت النازية في ألمانيا والفاشستية في إيطاليا..
وتحررت أوروبا بنهاية الحرب العالمية الثانية من هذا السرطان القاتل, وهنا لا بد من تذكر دور المقاومة التي اجترحت الانتصارات المدوية وألهبت مشاعر الشعوب, ومما سمعته في خمسينيات القرن الماضي من أخبار المقاومة, ما رواه لي الرفيق القديم «محمد حسين شيخ سليمان- أبو عمار» من أن عدداً من الطلاب السوريين واللبنانيين الدارسين في فرنسا في بداية أربعينيات القرن العشرين تطوعوا في صفوف المقاومة الفرنسية ومنهم الرفيق فؤاد قازان الذي أعطي رتبة نقيب وبعد انتهاء الحرب عاد إلى الوطن وزار مكتب الحزب في حي المزرعة بدمشق, وحدّث الرفاق عن دوره في المقاومة ومن حديثه:
«إن قرى كثيرة في فرنسا لم يكن أهلها يعرفون الحزب الشيوعي, ووجود الشيوعيين الفرنسيين في صفوف المقاومة لعب دوراً بارزاً في التعريف بالحزب واكتساب تعاطف القرويين معهم, وقال إذا حدثت انتخابات فإن الشيوعيين سيفوزون بالأغلبية».
ولقد تحقق هذا القول ففاز الحزب الشيوعي الفرنسي في الانتخابات وجاء مركزه في مقدمة الأحزاب الفرنسية.