السويداء بلا كهرباء ولا وقود
ظن أهالي السويداء أن أزمة البنزين انتهت عندما شهدت المحافظة أسبوعاً كاملاً في هذا الشهر بلا طوابير والمحطات كلها تتوافر فيها المادة، ثم عادت الأزمة لتظهر من جديد مع طوابيرها وتناقضاتها.
ومنذ أكثر من سنة تعاني محافظة السويداء وبخاصة المدينة من أزمة حادة في مادة البنزين، تكثر الطوابير الطويلة وتطول ساعات الانتظار، ومهما سألت من المسؤولين في المحافظة لن يكون لدى أي منهم جواب مقنع، ولن تجد إلا وعوداً خيَّبتها شهور السنة الماضية كلياً، والأزمة وحدها الباقية.
إنه الفساد..
أبو شادي، صاحب مكتب لسيارات الأجرة، يتكلم بيأس عن المفارقات التي يراها: «على طريق دمشق- السويداء هناك محطة محروقات اسمها مرجانة وهي تبعد مسافة 5 كلم قبل حدود المحافظة، يتوافر فيها البنزين على مدار الساعة ونادراً ما تعاني من أزمة إلا إن كان طريق دمشق- حمص مقطوعاً، فهل أن الطريق آمن من دمشق وحتى تلك المحطة، ثم يصبح الوضع خطيراً وتتقطع الطرقات حتى لا يصل البنزين إلاّ نادراً إلى السويداء؟، لا يمكن لعاقل أن يفهم كيف تتوافر المادة في دمشق وريفها وحتى حدود محافظة السويداء، ثم تختفي عندنا..!».
يعلّق أحد السائقين في المكتب: «إنه الفساد، لا يمكن لمحطات البنزين أن تسرق المادة وتحتكرها دون اقتسام الغنائم مع من هم موكلون بالرقابة في الدولة، ببساطة جهاز الدولة في السويداء مازال قوياً وأهالي المحافظة تسانده وتدعمه، والتدقيق الأمني يشمل كل مفاصل حياتنا ونحن نقبل به حفاظاً على أمننا وسلامة بلدنا، فكيف أن الجهة ذاتها التي تتحكم بكل تفاصيل المحافظة برضا الناس وقبولها، تعجز عن ضبط احتكار البنزين.. دود الخل منّه وفيه ولا يمكن إقناع أي مواطن بغير ذلك».
المعاناة شاملة
المعاناة تتوسع أكثر بعد أن بدأت الأسبوع الماضي انقطاعات التيار الكهربائي لساعات طويلة ولأيام، حيث انقطع التيّار في أكثر من منطقة من المحافظة لأكثر من 12 ساعة في اليوم الواحد، وعلا صوت أصحاب الورش والحرف في المنطقة الصناعية الذين توقف عملهم فعلياً خلال الأسبوع الماضي كاملاً، كذلك أصحاب المحال التجارية والمراكز التعليمية وخدمة الإنترنت.
والمعاناة شاملة وتتعدد جوانبها، فالأهالي والطلاب تتعقد الأزمة لديهم آخذين بعين الاعتبار صعوبات تأمين المعيشة في ظل جنون ارتفاع الأسعار وغياب الرقابة كلياً ومنذ بداية الأزمة عملياً، ومعها صعوبة تأمين مستلزمات التدفئة من مادة المازوت، والآن مشكلة الكهرباء وما تفرضه من صعوبات على الطلاب وبالتالي على أسرهم.
وجهة نظر!
أبو وسيم صاحب ورشة الخشب المتوقفة طوال الأسبوع الماضي يعلّق بذكاء: «أخشى ما أخشاه أن حادثة اعتصام طلاّب مدرسة كمال عبيد، التي تركت أثرها الإيجابي على كل أهالي المدينة وتناقلها باعتزاز ومحبة، قد أضرّت بنا، فلعل أحدهم يريد إرسال رسالة مفادها أن لا مناص من الفساد وأدوات قمعه، وأن العقاب له أشكال كثيرة فلا ترفعوا الأصوات عالياً... وإلاّ...!».