لا يموت حق : الحق في محاكمة عادلة
لطالما كانت فكرة العدالة هي الشغل الشاغل للإنسان فهي قيمة خلقية وتعتبر من أهم الغايات التي يسعى إليها لتحقيق حياة هادئة، لأن العدالة قديماً كانت تؤخذ بالقوة، ولكن مع تطور الفكر الإنساني أنشئت جهات تُعنى بتكريس العدالة بين أفراد المجتمع
وبما أن مفهوم العدالة أوسع من مفهوم القانون بالتالي يصبح لزاماً تطبيقها سواء وجد القانون أم لا، فهي مرآة التحضر والرقي الإنساني، ومن هنا يمكن القول بأن لكل متهم الحق في محاكمة عادلة, وبتعبير (محاكمة) يتبادر إلى الذهن مباشرة في هذه الحالة أننا أمام جهة جزائية فالمحاكمة تبتعد شيئاً فشيئاً عن حرية التقاضي وحرية اللجوء إلى القضاء التي غالباً ما تكون أمام جهة مدنية.أي أن مثول الشخص أمام المحكمة لا يكون طواعية، ولا يكون بمحض إرادته، بل بوسائل إلزامية يُدفع بواسطتها دفعاً إلى ذلك لارتكابه فعلاً يجرمه القانون.
وعلى ذلك وضع المجتمع الدولي مجموعة متنوعة ومتكاملة من النصوص الإلزامية وأقول الإلزامية على الدول تضمن هذه النصوص المعايير الضرورية لضمان المحاكمة العادلة بهدف حماية المتهم.فالهدف يظل دائما أن يتمتع الإنسان بضمانات معينة سواء قبل المحاكمة أو أثناءها أو بعد المحاكمة، وعليه فإن التشريع الجزائي لأي دولة يجب أن يحترم ويُدخل هذه المعايير في حسابه، وهنا يمكنني القول بأن المحاكمة العادلة التي تحترم المعايير الدولية التي نص عليها قانون حقوق الإنسان هي دليل على صحة النظام القضائي الجنائي (في بلد ما) وعدم تطبيق تلك المعايير هو دليل ظلم النظام القضائي الجنائي (في بلد ما) ودليل صارخ لانتهاك حقوق الإنسان ( في هذا البلد الما) ومن هذه المعايير للتذكير فقط ,العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1969 -اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية وغير الإنسانية 1984- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة1981- اتفاقيات جنيف الأربع الخاصة بالنزاع المسلح1949- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري1969-اتفاقية حقوق الطفل 1990, وعلى ما أعتقد أن سورية، وأرجو أن لا أكون مخطئاً، قد وقعت على معظم هذه الاتفاقيات الدولية التي تضمن الحق في محاكمة عادلة للمتهم، وتضمن حقوق الإنسان. وبالختام إن الدولة التي تحترم الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وخصوصاً الماسة بالحرية الشخصية، وتلتزم بما ورد فيها، وتقوم على المواءمة بين تشريعاتها الداخلية وتلك الاتفاقيات، وخاصة فيما يتعلق بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة هي التي تستحق أن تكون دولة التقدم والديمقراطية وسيادة القانون