دمشق تغص بالغش ..
والمثير للجدل، هو انتشار بعض هذه المواد وخاصة «منظفات الأسنان والشعر والميكياجات» في الصيدليات التي تعتبر الملاذ الآمن لدى البعض في الحصول على منتجات أصلية، إلا أن عدة شكاوى وردت إلى «قاسيون» تفيد بوجود مواد مزورة في الصيدليات إلى جانب أدوية مقتربة من انتهاء صلاحياتها تباع للزبائن على أنها أصلية وذات صلاحية مديدة.
منظفات «مزورة» وأدوية قريبة «انتهاء الصلاحية» في الصيدليات
تزوير عالي الدقة
وقال مشتكون إن «بعض الصيدليات، تبيع منظفات أسنان لماركات مشهورة وبعبوات نظامية مختومة، مكتوب عليها اسم المستورد النظامي مع البلد المصدر، إلا أنها مزورة ولا يمكن تفرقتها عن الأصلية سوى عند الاستخدام» مشيرين إلى أن «السعر الذي تباع به هو ذاته سعر العبوات الأصلية».
وتابعوا إن «بعض الصيدليات أو المحال التجارية، تعرض على الزبون عبوتين متشابهتين على أن إحداهما هي الأصلية لكنها بسعر مرتفع، ليقوم المشتري باختيار العبوة الأصلية، ويتفاجأ لاحقاً أنها مزورة أيضاً».
وأردفوا إن «غالب حالات الغش تتم لمنظفات الأسنان وعبوات الشامبو والصابون من ماركات مشهورة، إضافةً إلى أدوات المكياج وصبغات الشعر، وهذه العمليات ليست محصورة فقط في الصيدليات، بل طالت المولات والمحلات التجارية».
وأثارت هذه القضية مخاوف الكثير من المواطنين، كون التزوير يطال مواد حساسة قد تؤذي البشرة والشعر والأسنان، عدا عن انتشار أدوية في بعض الصيدليات، مقتربة من انتهاء مدد الصلاحية، بالإضافة إلى أدوية دون علب ولا يمكن التأكد من صلاحيتها.
موزعون غير موثوقين
وصيادلة بلا شهادة
وعلى هذا، قال صيدلاني في دمشق فضل عدم ذكر اسمه، إن «بعض الموزعين الجوالين غير الموثوقين، هم غالباً ما يقومون بتوزيع هذه المستحضرات المزورة، ولا يمكن لصاحب الصيدلية اكتشاف ذلك، لذلك يفضل عدم الشراء سوى من مستودعات معروفة يمكن إعادة المادة المزورة لهم إن تم كشفها».
وتابع إن «صعوبة وصول موزعي المستودعات المشهورة إلى بعض المناطق البعيدة، يجبر أصحاب الصيدليات أو المحلات هناك- مضطرين- للشراء من الموزعين غير المعروفين، وهنا يقع الغش غالباً».
وأضاف، إن «كشف تزوير هذه المستحضرات، أو الأدوية يقع على عاتق الصيدلي أو صاحب المحل، فهو أخبر بذلك، إلا أن عمل بعض غير المختصين وذوي الخبرة في مجال الصيدلة عبر استئجار الشهادات، أو دخول مهنة البيع في المحلات من قبل عديمي الخبرة بمجال شراء المواد وكيفية التعامل مع البضائع المقلدة، ساعد في انتشار هذه المشكلة».
احتكار في سبيل الغش
وأكد انه «هناك ظاهرة جديدة أيضاً، ساهمت في انتشار الأدوية قريبة انتهاء الصلاحية، وهي قيام أصحاب المستودعات باحتكار أنواع مفقودة من الأدوية، وعند طلب هذا النوع من الصيدلي، يشترط صاحب المستودع على الصيدلي شراءه أنواعاً قريبة انتهاء الصلاحية مقابل بيعه الأنواع المحتكرة».
ونوه إلى أن «هناك بعض أصحاب المستودعات، يقومون بخلط كمية الأدوية المطلوبة من الصيادلة بعدد معين من العبوات منتهية الصلاحية أو قريبة الانتهاء دون علمه، وعلى هذا يتم بيعها دون علم الصيدلي أو الزبون» مؤكداً إن «الصيدلي الخبير يجب أن يقوم بتدقيق جميع العبوات قبل بيعها من حيث تاريخ انتهاء الصلاحية».
جميع منظفات الأسنان
في السوق مقلدة!
وأكد صيدلي آخر، أنه «يجب على الزبائن والصيادلة أن يكونوا على علم بأنه لا توجد مساحيق تنظيف أسنان بعبوات كبيرة أصلية في السوق بشكل نهائي وهي الكريست والسيغنال، بالإضافة إلى شامبو هيد اند شولدرز وبيرت بلس ودوف، وباقي اكسسوارات تنظيف الجسم المستوردة».
«ليست بالضرورة أن تكون هذه البضائع المزورة قادمة من خارج الحدود» بحسب الصيدلي، الذي تابع إن «هناك بعض المعامل الصغيرة في المنازل تقوم بشراء العبوات البلاستيكية التالفة من عمال النظافة وإعادة تنظيفها ومن ثم تعبئتها بمادة محلية الصنع ورخيصة لتباع أخيراً تحت اسم الماركات المشهورة وبأسعار مرتفعة أو مخفضة حسب البائع».
ضبط طن من المنظفات المغشوشة
وعلى هذا، قال مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق، إنه «تم ضبط كميات كبيرة من المنظفات المخالفة للمواصفات القياسية السورية وغير الصالحة للاستخدام يوم الأربعاء الماضي، منها طن من المنظفات المغشوشة في منطقة مساكن برزة بدمشق معبأة بعبوات وأكياس نايلون تحمل اسم ماركات مشهورة».
وأضاف «تمت مصادرة الكمية المقدرة بطن واحد من المنظفات المغشوشة وإلقاء القبض على الفاعل وتوقيفه لدى الجهات المختصة».
وحول الأدوية القريبة من انتهاء الصلاحية، قال المصدر إنه «ضبطت دوريات حماية المستهلك خمسة مستودعات للأدوية تقوم بتحميل المواد على بعضها وخاصة المهددة بانتهاء مدد الصلاحية إضافة للتلاعب بالأسعار، حيث تمت مصادرة الكميات وتنظيم الضبوط التموينية وفق الأصول القانونية وإحالة المخالفين إلى القضاء».
المنتجات المزورة والمقلدة، لم تطل فقط المنظفات والأدوية، بل وصلت حتى إلى علب السجائر، التي انتشرت على البسطات بشكل «جنوني» بحسب مواطنين، والتي أخذت أشكال علب سجائر معروفة عالمياً، مع تحريف الاسم بالخط وأسلوب الكتابة والألوان نفسها، وهي مجهولة المصدر والتركيبة في بعضها.
مدانون قانونياً
ويتضمن قانون حماية الملكية السوري، عقوبات بحق مرتكبي عمليات التزوير والغش والتقليد، إذ نصت المادة (61) مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر على الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 300 ألف إلى مليون ليرة أو بإحدى العقوبتين على كل من أقدم على استعمال علامة فارقة تخص غيره وتقليد علامة فارقة ولو أضاف لها كلمات أو غير ذلك كتشبيه ومشبه وصنف ونوع أو صفة وغيرها واستعمال علامة فارقة مقلدة وبيع أو عرض للبيع أو التداول أو حيازة بقصد البيع وتداول منتجات عليها علامة موضوعة بغير حق أو مقلدة مع علمه بذلك وصنع أو نقش أو حفر أو بيع لوحة أو طابعة خشبية أو معدنية أو ختم أو شيء يدل على علامة مسجلة حسب الأصول أو أي تقليد بهدف تمكين أي شخص غير صاحب تلك العلامة من استعمالها أو تقليدها.
ونصت المادة (62) على عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من 200 ألف إلى 600 ألف ليرة أو بإحدى العقوبتين كل من شبه علامة بغيرها بنية الغش من دون تقليدها وكل من استعمل مثل هذه العلامة أو باع أو عرض للبيع أو التداول أو حاز بقصد البيع والتداول منتجات أو خدمات عليها كالعلامة هذه مع علمه بذلك من دون الإخلال بأي عقوبة أشد في أي قانون آخر، علماً بأن المواد (63-69) تتضمن عقوبات أخرى أقل صرامة لمخالفات أخرى كاستعمال علامة جماعية على نحو خاطئ واستعمال العلامة التجارية المسجلة بطريقة مغايرة بشكل جوهري لشكل العلامة الممنوحة.