«البالي».. أيضاً غالي
أكوام من الملابس على أرصفة الشوارع، والكثير من النسوة يبحثن عما هو مناسب منها، وبعد أن كان سوق «البالة» حكراً على مناطق معينة من دمشق انتشر فيما تبقى من شوارع «آمنة» في هذه المدينة.
يعتقد البعض أن انتشار الملابس المستعملة وغيرها من البسطات يعد تلوثاً بصرياً للمدينة، بل ومظهراً غير حضاري، لكن يعتقد آخرون أن في مناطق أخرى تلوثاً غير بصري بل ربما إنساني، أي «ما وقفت عليهن».
لكن وبالنظر إلى ارتفاع أسعار الملابس الجنوني- كما كل السلع الأخرى- يجد المواطنون في «البالة» الحل الأفضل.
تبحث وتبحث، وتتفحصها قطعة وراء الأخرى، لكنك ستعثر على ضالتك المنشودة أخيراً، قطعة مناسبة وبسعر مقبول يحتمله جيبك المثقوب، تقيك برد الشتاء وحر الصيف، وإذا كان «حظك حلو» تتعثر بماركة عالمية تتفاخر بلبسها.
يراودني سؤال حول مصدر كل هذه الكميات الهائلة التي تدفقت على الأرصفة، هل هي أوروبية فعلاً؟ أم أنها غنائم حرب كما يسميها المتحاربون؟ أي مسروقات من مناطق سورية مختلفة، بل يخيل لي أحياناً أن تجد امرأة تنقب فيها قطعة من ملابسها، ولكم أن تتصوروا حينها كيف سيكون الموقف؟!
وان كانت ألبسة أوروبية مستعملة حقاً فهل نرتدي الملابس التي لم يرغبوا بها مجدداً؟ ونكون سعداء بها، سعداء بكل ما يأتي إلينا من الغرب حتى لو كانت ملابسه التي تخلى عنها؟
لكنها في النهاية هي الملابس الأنسب سعراً في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يعيشه المواطن السوري رغم أنها غالية، فتجد سعر الحذاء يتراوح بين 1000 و6000 ليرة وهو أعلى في حدوده العليا من أسعار الجديد مع ملاحظة الفارق في الجودة بين الأوربي المستعمل والوطني أو الصيني الجديد.
والأمر نفسه يمكن أن يقال بالنسبة لأسعار الألبسة، لكنها تبقى ملاذاً لمواطن تطحنه الحرب والغلاء والنزوح والهم والنكد..