من الذاكرة : صداها في كل أنحاء الشام
قبل تسعة وعشرين عاماً وبالتحديد يوم 28/10/1984 وذلك بمناسبة الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس الحزب الشيوعي السوري، وبدعوة من هيئة تحرير قاسيون تم لقاء مع عدد من الشيوعيين الأوائل الذين انضموا إلى صفوف الحزب في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، وكان لي شرف استضافة هذا اللقاء في بيتي بحي ركن الدين.
استهل الرفيق سكرتير اللجنة المنطقية للحزب بدمشق عبد الوهاب رشواني اللقاء بالترحيب بالحضور مشيراً إلى أهمية الدور الذي قاموا به، ومشيداً بنضالاتهم وبسالتهم، وداعياً إلى ضرورة الاستفادة من خبراتهم الغنية، ثم كان المجال رحباً لأحاديثهم، وهذه مقتطفات منها كما سجلتها ذاكرتي.
وكان أول المتحدثين الرفيق الأستاذ رشيد جلال فذكر أن معرفته وصداقته للحزب بدأت عام 1925 وقال: «كنت أقرأ بالجرائد والمنشورات عن الحركة الشيوعية وفي أحد الأيام سألت والدي عن الشيوعيين وأهدافهم فقال: أظن أنهم على حق.. وتابعت قراءاتي للنشرات الشيوعية والجرائد وخاصة جريدة (الإنسانية) واطلعت على بعض الكتب، ومازلت احتفظ بواحد منها وهو كتاب النفط «مستعبد الشعوب» وتطورت علاقتي بالشيوعيين وتوطدت وخاصة أثناء المناقشات في مدرسة الحقوق بدمشق مع الأساتذة حول المذاهب الاقتصادية وغيرها من الموضوعات، وبعد مدة تعرفت على الرفيق فوزي الزعيم الذي عرفني على الرفيق خالد بكداش.
وساهمت بعدد من اجتماعات ولقاءات نظمتها عصبة مكافحة الفاشية، ومن ضمنها الاحتفال الذي جرى في حي المهاجرين بمنطقة «الشمسية، عام 1937، وكان بيتنا في المهاجرين ملتقى للرفاق وأصدقاء الحزب، وكان أخي فريد يلعب دوراً نشيطاً في الدفاع عن سمعة الحزب ورد اعتداءات عملاء الفاشية وأزلام الرجعية».
ثم تحدث الرفيق الأستاذ رشاد عيسى فقال:
شاهدت المنشورات والملصقات الشيوعية على الجدران لأول مرة عام 1930 تعلن عن وجود الحزب الشيوعي السوري وفي أواخر عام 1930 انتسبت إلى الحزب الذي كان ينتشر في كل أنحاء سورية، في كل مدينة وفي كل أحياء دمشق، وكنا نعمل بشكل سري، إلا أن السلطات كانت لا تعتقل أحداً منا إلا إذا شوهد يقوم بأعمال مثل توزيع المنشورات أو عقد الاجتماعات، لقد كان الشيوعيون الأوائل دائماً مع الجماهير، مع العمال، دائماً مع العمل الوطني من أجل الاستقلال، إما وحدهم أو بالمشاركة مع القوى الوطنية الأخرى مثل عصبة العمل القومي أو الكتلة الوطنية، وإنني أذكر حادث جريدة الأيام حيث اجتمع عدد من السياسيين في دار الأيام بهدف الترويج والدعاية لعقد معاهدة مع فرنسا الاستعمارية، وحضر الاجتماع عدد من الرفاق بينهم الرفيق فؤاد شمالي والرفيق خالد بكداش لفضح المعاهدة، وبالفعل تمكنوا من إقناع الكثير من الحاضرين بحقيقتها الاستعمارية وحشدوهم ضدها. وانتشر صدى ذلك في كل أنحاء الشام.