من الذاكرة : ساعة الشدائد
حفل الأسبوعان الماضيان بالكثير من الموضوعات الجديرة بالبحث المستفيض، وبخاصة موضوع الأحداث الساخنة على الساحتين الداخلية والدولية، ومنها احتمال قيام أمريكا بعدوان عسكري على وطننا وشعبنا، على الرغم مما اعترى الغرب والولايات المتحدة من صدمة وذهول هائل أمام بروز قطب آخر في مقدمته روسيا ودول البريكس، ليعيد للعالم توازنه، ويحول بينه وبين استفراد أمريكا بمصيره.
لقد استنهض خطر العدوان على سورية الموقف الوطني للسوريين ساعة الشدائد، وانبرى الوطنيون لرص الصفوف للدفاع عن وطنهم، واستأثر هذا الأمر باهتمام وأحاديث المواطنين ــ إلا القلة التي ربطت مصيرها بعربة «غورو» وعجلة أعداء الوطن، والتي استمرت في سعارها المحموم طالبة تنفيذ العدوان لسفك دمنا وتدمير بلادنا.
وظهرت على أرض الواقع ملامح هذا النهوض واستعادة الروح، ولمست كما لمس معظم الوطنيين حقيقة ما يجري. وكمثال بسيط على ذلك ما أحسست به وشاهدته في سهرة جمعتني مع عدد من الأصدقاء والرفاق بمناسبة عقد قران نجل أحد أصدقائنا، سهرة بدأت بعبارات التهنئة والتبريكات، ثم انصب الحديث بمجمله على الخطر المتحفز للانقضاض على الوطن والشعب، سهرة أسهمت في «ترميم» ما ضعف وتقطع من أواصر كانت تشدنا فيما مضى بعضنا إلى بعض حتى أوائل العام الماضي واستفحال الأزمة بتداعياتها الغريبة التي أفسحت المجال واسعاً لظهور أشكال مستهجنة للتعامل بين الناس قوامها عداء وإقصاء واستئثار بـ «امتلاك» الحقيقة، ولم تخل من دعوات لاستئصال «الخصوم»، أشكال تختلف جملة وتفصيلاً عن كل ما عرفناه ومارسناه من تعامل طبيعي وحوار فكري سياسي واجتماعي يتسم بالجدية والاحترام، ومازالت الذاكرة مفعمة بالشواهد والأمثلة منذ أيام المد الوطني ومجابهة الأعداء في خمسينيات القرن العشرين، أيام المقاومة الشعبية التي احتشد في صفوفها كل القادرين على حمل السلاح. وها نحن اليوم نرى الساحة وقد بدأت من جديد تستعيد زخمها بموقف وطني يتسامى فوق التباينات في التصورات والآراء والرؤى. إنه زخم إرادة شعبنا التي تهيب بالجميع للدفاع عن الوطن:
يا موطني يا قصة الجمال
ولحنَ شعبٍ رائعِ النضالْ
وعند الحدودِ وفي ميسلونْ لنا ذكرياتْ
بطولاتُ شعبٍ تحدى المَنونَ ليبني الحياة
موطنَ المجدِ كلّنا فِداكْ
في القلوبِ مُزهّرٌ هواكْ