لا يموت حق : رأي للمناقشة..
بمناسبة دراسة تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية وتشكيل لجان هذه الدراسة نرى لزاماً علينا أن نقدم ما لدينا من مقترحات تساعد في «التعديل المنشود»، حيث أن من أولى ضرورات هذا التعديل أن يضع آلية للحد من حجز حرية المدعى عليه أثناء توقيفه الاحتياطي سواء أمام قضاء التحقيق أو أمام محاكم الموضوع وذلك بتحديد مدة هذا التوقيف بحد أقصى كي لا يكون تعسفياً وألا تكون مدته مفتوحة وبلا حدود.
إن ما يعانيه المدعى عليهم الذين يجري توقيفهم «احتياطياً» لدى قضاة التحقيق هو تراخي وطول مدة هذا التوقيف وإطالة أمده بشكل قد يتجاوز مدة العقوبة التي يمكن أن يحكم بها عليهم في حال الثبوت وفي ذلك تجاوز وتعدّ على حرياتهم التي حمتها وصاغتها الدساتير والقوانين.
وهنالك حوادث مؤسفة جداً نتجت عن مثل هذا التوقيف التعسفي بحيث قد تتراخى مدة التوقيف احتياطياً إلى سنة أو سنتين أمام قاضي التحقيق، ومن ثم يحال المدعى عليه الموقوف إلى قاضي الإحالة ويستمر توقيفه على مثل هذه المدة؛ وبعدها يحال موقوفاً إلى محاكم الموضوع و يكون مضى على حجز حريته سنوات وهذا شيء مؤسف حقيقة وفيه تعدّ وانتهاك صريح لحرية المدعى عليه الجاري توقيفه خاصة إذا انتهت القضية الموقوف بها إلى إعلان براءة أو عدم مسؤولية المدعى عليه الموقوف أو الحكم عليه بعقوبة أقل من المدة التي توقفها احتياطاً, ولا أرى من مانع أن تصدر تشريعات تقضي بتحديد مدة التوقيف الاحتياطي في مرحلة التحقيق بالقضايا الجزائية حتى إذا انتهت هذه المدة ولم تفصل القضية التحقيقية يصار إلى إطلاق سراح المدعى عليه الموقوف حكماً على أن يجوز استثناءً في بعض القضايا الخطيرة تمديد مدة التوقيف لفترة مماثلة أو أقل منها ولمرة واحدة, أما في الجرائم الجنحية الأخرى التي تتراوح العقوبة القصوى فيها بين الحبس سنة وثلاث سنوات فيجب إخلاء سبيل الموقوف بعد استجوابه وتوقيفه لمدة أقصاها ثلاثة أشهر إذا لم تفصل قضيته ويحال إلى محكمة الموضوع.
ومثل هذا التعديل في القانون يضع حداً للتعسف بحجز حرية المدعى عليهم الموقوفين كما يضع حداً للتراخي في فصل الدعاوى الجزائية التي كثيراً ما تبقى أمام دوائر التحقيق ومحاكم الموضوع سنوات عديدة دون أن تُفصل وتُفرض العقوبات القانونية الرادعة بحق المدعى عليهم والمتهمين التي ينتظرها المجتمع والمتضررون المدعون.
هذا رأي قابل للنقاش من جميع المهتمين قضاة ومحامين بحيث نسعى في اقتراحاتنا إلى تحصين القانون من الأخطاء ونعمل على تحقيق التوافق بين القانون والدستور مفعلين بذلك مبدأ دستورية القوانين.