لجان المصالحة الوطنية... ضرورة اعتماد خطاب وطني جامع
محمد سلوم محمد سلوم

لجان المصالحة الوطنية... ضرورة اعتماد خطاب وطني جامع

نتيجة لغياب دور المواطن في فعاليات العمل الشعبي والجماهيري، وحصر كل النشاطات الشعبية منذ عشرات السنين بأوامر حزبية،

حيث كل شيء معد مسبقاً وضمن نموذج محدد، غابت عن سورية التقاليد والخبرة التنظيمية للعمل الجماهيري وبالتالي غابت معها المبادرات والعمل الاجتماعي للمواطن السوري، لذلك عندما عصفت الأزمة الوطنية وكنتيجة لتغييب دور المواطن مسبقاً غابت مبادراته لاحقاً، وأصبح أمام تناقضاته في حبه لوطنه وعجزه عن فعل ما يلزم، ومن استطاع فعل شيء بقي ضمن تصوره المسبق للأحداث ولم يخرج عن خطابه الديني لرأب الصدع والخروج من الأزمة، وأهم درس استخلصه المواطن بأنه بدأ يبحث عن دوره الاجتماعي ويتحسس مسؤولياته ويعي ذلك.

تعتبر لجنة المصالحة الوطنية، من أنشط اللجان وأكثرها عدداً وتمثيلاً داخل القطر وخارجه، وسهل عملها من الجهات المعنية أكثر من أي جمعية أهلية أو مدنية تم الترخيص لهم مؤخراً، لها نظامها الداخلي ويوجد لديها /17/ لجنة داخل القطر (لجنة تنظيمية- لجنة قانونية- لجنة مكافحة الفساد...)، وتفعل هذه اللجان حسب الظروف، قد تنتهي مهمة لجنة بعد الأزمة فيفعل عمل لجنة أخرى حسب حاجة المجتمع السوري، ولديها خارج سورية /21/ مكتباً في (تركيا- سويسرا- روسيا- مصر...)، تعتمد في نصابها على كوادر كوجهاء اجتماعيين أو عشائر أو رجال دين، وعلى قول رئيس لجنتها المركزية «الشيخ جابر عيسى» في الاجتماع الدوري لها في طرطوس، بأنه نتيجة لاقتتال الإخوة في سورية، فكان لابد من العمل على رأب الصدع وبالتالي كان النداء لتشكيل لجان المصالحة، ويوجد لديهم ما يقارب /40/ ألف متطوع يعملون في مجال المصالحة معظمهم من أبناء وأهالي المعارضين والذين غرر بهم سابقاً (حسب قوله) وقامت هذه اللجان على مستوى القطر بتحرير الآلاف كمخطوفين وتسوية أوضاع المئات في كل منطقة على حدة.
معوقات العمل
تعاني هذه اللجان من مشكلتين أساسيتين:
الأولى: نقص السيولة في التمويل إلى درجة قد لا تقدر على دفع أجرة مكتب لها أو أجرة موظف أو مستخدم في بعض المحافظات، ونتيجة لبنيتها وتكوينها تأخذ صفة «العزائم» الكبيرة لكل عملية تقوم بها سواء كان في مبادلة المخطوفين أو تحريرهم أو تسوية للأوضاع وبالتالي التكلفة دائماً تفوق المائة ألف ليرة.
الثانية: باعتبارها ليست سلطة ولا صاحبة قرار، ولا تستطيع إلزام سلطة أو مسلحين، لذلك قد تعمل على إخلاء سبيل موقوف وفي اليوم الثاني قد توقف السلطات عشرة جدداً، وبالوقت نفسه قد تعمل على تحرير مخطوف من المسلحين قد يخطفون في اليوم الثاني عشرة، وقد تعمل على إقناع مجموعة لترك السلاح ولأسباب أمنية قد يبقى البعض منهم موقوفاً.
آفاق العمل
إن هذه اللجان ما دامت مرخصة ولها نظامها الداخلي ومكاتبها داخل القطر وخارجه ولها لجانها الخاصة ومبادراتها وخطتها لما بعد الأزمة، لابد من العمل على النقاط التالية:
 1- أن لا تعتمد التمثيل المذهبي للأعضاء والاعتماد على شخصيات اجتماعية وطنية.  
2- أن تخرج من الخطاب الديني التقليدي إلى الخطاب الوطني، وان كان لابد من الأول، فليكن خطاباً دينياً عصرياً وموحداً.
3- إن الأزمة الوطنية في سورية لم تكن أسبابها الدين أو المذهب، بل استخدما كأدوات تحريضية، وعند المعالجة بالأداة دون السبب الجوهري تكون قراءتنا خاطئة وبالتالي معالجتنا للأزمة تذهب إلى المكان الخطأ.
ومع تقديرنا للنوايا الطيبة فإن المصالحة الوطنية الحقيقية يجب أن تكون ضمن برنامج وطني عام على امتداد ساحة الوطن، وكجزء من عملية الحوار الوطني بما يفضي إلى الحل السياسي (الاقتصادي- الاجتماعي- السياسي) بمفرداته المعروفة، فالمصالحة الوطنية الحقيقية هي نتيجة لمثل هذا البرنامج ولا يمكن أن تكون متكاملة ومنتجة بدونه.

باعتبارإن هذه اللجان ليست سلطة ولا صاحبة قرار، ولا تستطيع إلزام سلطة أو مسلحين، لذلك قد تعمل على إخلاء سبيل موقوف وفي اليوم الثاني قد توقف السلطات عشرة جدداً، وبالوقت نفسه قد تعمل على تحرير مخطوف من المسلحين قد يخطفون في اليوم الثاني عشرة، وقد تعمل على إقناع مجموعة لترك السلاح ولأسباب أمنية قد يبقى البعض منهم موقوفاً