السويداء.. لا خيار لنا إلا الدفاع عن كرامتنا!
نحن الفقراء، وإن لم نعرف السياسة بتفاصيلها وزواريبها المخفية لكننا ندرك الجوهر الحقيقي في السياسة من خلال لقمة عيشنا، كهذا فقط يمكن لنا معرفة من معنا ومن ضدنا،
ويشهد الشعب السوري خلال الأزمة الوطنية كل أشكال النهب والسرقة وكل العنف المطلوب لاستمرار الاستغلال والفساد، وسطوة طغمة تجّار الأزمات والدم السوري على المشهد السياسي الاقتصادي الاجتماعي السوري.
اسأل أي سوري اليوم سيقول لك تفاصيل احتكار التجّار الكبار أصحاب المستودعات الضخمة للمواد واللعب بتصريف الدولار عبر قنوات الفساد في الدولة لرفع الأسعار بحدود خيالية تعود عليهم بالأرباح الخيالية، والقطيعة واسعة بين الناس والتجّار الكبار عموماً في سورية لكن خصوصاً في السويداء لما تعانيه من آفات الفساد والاحتكار، من هنا كانت المفاجأة والفرحة عموماً عندما سمع أهالي السويداء عن الخيم التي قررت مجموعات مختلفة من تجار السويداء الكبار فتحها لتوزيع المواد الاستهلاكية الأساسية بأسعار التكلفة، وفعلاً لاقت هذه الخيم إقبالاً كبيراً في بداية افتتاحها واعتبر الناس أن هذه «صحوة ضمير» شاملة أصابت التجّار ولا بأس بصحوة متأخرة بعد ملايين الأرباح.
بعد يومين من افتتاح تلك الخيم اكتشف الناس أن أغلب تلك المواد كالعدس والبرغل غير صالحة للاستخدام، منتهية المدة، وأن الأصناف الباقية من المواد كالزيت والسمنة والمعلبات صالحة لعدة أيّام فقط، عشرون يوماً في أحسن الأحوال، ليستنتج أهالي السويداء أن المواد التي كدّست واحتُكرت على مدة السنتين الماضيتين هي التي تباع اليوم بعد أن انتهت مدتها أو قاربت الانتهاء، «بيقتلوا القتيل وبيمشوا بجنازته، سرقونا واليوم عم يبيعونا حقنا مع منيّة» يعبّر الأهالي عن هذا الاحتيال، ويذهب البعض إلى الربط بين عقلية التجّار في عملية النهب المكرر هذه وبين التطبيل والتزمير للـ«الخيم الوطنية» الذي شهدوه على قنوات لطالما عُرفت بالتهليل لرجال الأعمال وفجأة تحوّلت اليوم للاهتمام بسعر البندورة والباذنجان حجةً للهجوم على البرامج التي تقف في وجه الفساد وتجّار الأزمات، وقد شهد الكثيرون أنه في اليوم الأول من افتتاح إحدى الخيم تجمع الناس وطالت الطوابير وبدأ التذمر والملاسنة مع العمّال في الخيمة فهمس أحد العمّال لزميله: «متى تأتي المذيعة لتصوّر (الحشود الغفيرة المبتهجة) قبل أن يهجم الناس علينا!».
الخيبة من جديد والحقد تجاه بالتجّار الكبار و انعدام الثقة أكثر وأكثر بجهاز الدولة الذي مرّر هكذا ظاهرة وباركها، أهالي السويداء اليوم ينتظرون فعلاً جذرياً ضد احتكار التجّار ومتاجرتهم بالدم السوري ويقولون إن الأفاعي إن تغيّر جلدها تبقى أفاعي ومثلها أولئك التجّار إذ يثبتون من جديد أن لا ربّ لهم إلا رأس مالهم ولا وطناً إلا جيوبهم.